الظل الحي

[JUSTIFY]
الظل الحي

كان الطيب يقف في انتظار المواصلات ذات عصر وظله أمامه لما خيل إليه أنه سمع شهقة مبغوت، ثم كذب عينيه لما رأى أن ظله ينحني ماسكا بطنه وظل سكين مغروس في ظله.
انتفض الطيب ونظر وراءه مرتعبا فلم يجد شيئا ولمس بطنه فلم يجد شيئا.. نظر إلى ظله فرآه قد سقط على الأرض.. كان ظله قد استقل عنه تماما.. كان الظل يضطرب كخروف مذبوح ورأى الطيب أن عشرات الظلال قد تحلقت حول ظله وأن ما أصابه قد أصاب كل الموقف لما وجد كل من بالموقف أن ظله قد تمرد عليه وقف الناس مدهوشين ومشدوهين حيال الذي يجري بلا منطق.. سمعوا صوت سارينة إسعاف وسارينة عربة شرطة ولاحت ظلال لعربتي الإسعاف والشرطة ونزلت ظلال من مسعفين وبوليس إلى المكان وشقوا طريقهم نحو الظل المغدور وتفرقت الظلال إلى ظلال عربات وركبوا نحو مساكنهم وبقيت الأجسام التي بلا ظلال في هجير الشمس متسمرة إلى لحظة الدهشة الكبري.
بعد مدة تراءت للناس جموع حاشدة من ظلال تحمل جنازة على أكتافها وتهتف…
جلس الطيب منهارا وهو يعرف أن ظله قد مات.. كان صاحب الظل الشهيد.. ومرت فوقه الظلال بحملها ثم جرت معركة ظلالية طاحنة وساد الهرج والمرج وسقط كذا ظل قتيل وجريح وتشلع ظل الموقف وأحرقت ظلال عرباته.
كان الطيب على وشك أن يغمي عليه لما أحس بشيء يجذبه لكي ينهض.. انساق له الطيب وتحامل على نفسه وآفاق على بعد مناسب من مكان المعركة الضارية.
هبط الليل واستعاد الطيب بعض نفسه وقوته وسار على قدميه في اتجاه منطقته.. كان القمر الطالع يضفي على المكان سكونا وجمالا وقداسة أعادت الثقة إلى الطيب.. دخل الطيب في ظل عمارة، فتذكر ظله وأسرع ليخرج إلى الضوء.. كان واثقا أن ما مر به كان حلما أو ماشابه.. خرج الطيب إلى الضوء.. لكن بدون ظل.
مر به نفر من الناس بظلالهم السعيدة تحاكي حركاتهم ثم عبرته عربات بظلالها.. دخل في ظلال بيوت وخرج منها وعند واجهة زجاجية سقط الطيب من جديد لما رأى أن لا انعكاس لصورته أيضا على المراية..
البعض يظن أن ما يصيب الوطن هو ما يصيب الظل وانعكاس الصورة على المرايا أن سلم جسده ومكانه.. ليت فيل الآزمة كان بلا ظل ليطعن الناس فيه.

[/JUSTIFY]

هتش – صحيفة اليوم التالي

Exit mobile version