*هذه العبارة طفق يرددها الكثيرون في الآونة الأخيرة، وذلك على افتراض أن الحكومة هي التي تستيقظ كل صباح ولا شغل لها سوى أن تشن هجوماً شرساً على مواطنيها في أكثر من محور ومكان، ثم لتجعلهم ما بين قتيل وأسير ونازح وشريد!
*وقديماً قيل (إن كان الذي يتحدث مجنوناً فليكن على الأقل المستمع عاقلاً)، فبعض الساسة والنخب والكتاب يعطلون عقولنا أو يفرضون أنها قد ذهبت في إجازة مفتوحة!
*وتحتدم مثل هذه العبارات، على الحكومة أن توقف الحرب أولاً، تحتدم بين يدي كل كارثة جديدة كالتي نرزح تحت وطأتها الآن في إقليم دارفور، فالأحداث الأخيرة التي نجم عنها نزوح أكثر من ثلاثمائة ألف مواطن على أثر هجمات ممنهجة تفتأ تعيد الإقليم إلى المربع الأول كيوم بدأت هذه الأزمة وتفجرت وتمددت في صدر هذه الألفية الثانية.
*والمدهش في هذه الأزمة، وفي كل الأزمات التي تماثلها يدرك الجميع من هو الفاعل، فعلى الأقل إن حركة السيد المناضل مناوي بشهادتها وشهادة الجميع هي التي سُجِّل هذا الاقتراق الأخير باسمها وباسم جيشها جيش تحرير السودان، وبعد ذلك يخرج علينا في الفضائيات والمطبوعات وقارعة الطرقات من يقول لنا “على الحكومة أن توقف الحرب”!
*ولو استقبلت من أمري ما استدبرت لقلت إن هذه التصريحات التي يرددها البعض في المدينة غداة كل فاجعة جديدة في الإقليم، لم تكن إلا تغطية ومكاء وتصدية وتبريراً وتخريجاً وتبرئة ومناصرة للحركات المسلحة وتشتيتاً لجهود الحكومة.
*يا أهل الخير، يمكن لنا أن نتفق مع الحكومة أو نختلف إلا أن الحكومة هي التي تحمل لواء العمران والتنمية وإعادة التوطين وزرع الخدمات من طرق ومشافٍ ومدارس، وفي المقابل إن الحركات المسلحة هي التي تستهدف المواطنين وخدماتهم والشركات التي تقوم بالتنمية وقوافل الوقود والأطعمة وسبل الحياة!
*والمبكي حقاً أو المضحك، لا أدري، وفي ظل ثقافة تغييب العقول هذه، إن الحركات المسلحة تحتفل على شاشة الفضائيات العربية والأجنبية بنجاح عملياتها في تخريب قرى التوطين وتدمير الخدمات ودفع المواطنين إلى معسكرات النزوح والتشريد.
*ونجاح الحركات المسلحة في خاتمة عملياتها النضالية يقاس بعدد كثافة النازحين والمعسكرات الجديدة، فافتتاح أي معسكرات جديدة هو فتح لهذه الحركات المسلحة، ذلك لأن المنظمات والهيئات والممولين من وراء البحار يدفعون بمقدار وعدد النازحين ويكافأون وفق عدد المعسكرات، فمزيد من المعسكرات تعني مزيج من الدعم!
* ومن جهة أن ثقافة النزوح تخدم مخططات (المجتمع الدولي) الذي هو في أن واحد (يفلق ويداوي)، فهو الذي يدعم الحركات المسلحة ويمول أنشطتها وهو ذاته الذي يقدم (حكومة الخرطوم) في المقابل للمحاكمة بسبب ارتكابها جرائم حرب في حق مواطنيها!
*الرأي عندي أن يخرج السيد المشير عبد الرحيم محمد حسين كما السيسي في الثلاثين من يوليو المصرية فيطلب من الجماهير السودانية أن تخرج إلى الطرقات بالملايين (لتغطية أمر لملاحقة الإرهاب المحتمل للحركات المسلحة)!
*تحتاج السلطات السياسية والقوى الوطنية كلها أن تنظم للقاء جماهيري حاشد في الخرطوم يجعل الأغلبية الصامتة تتحدث، على أن يكون يوم نصرة للقوات المسلحة في حربها المقدسة ضد قطاع الطرق ومخربي القرى وصانعي النزوح والموت والتشريد.
*مخرج.. على الحركات المسلحة أن توقف الحرب ضد المواطنين، فعجب للذي خرج لأجل المواطنين كيف يجعلهم ما بين قتيل وجريح ومشرد ونازح!
ملاذات آمنه – صحيفة اليوم التالي