بعد الخطاب الشهير الذي بعث به إسماعيل خميس جلاب، القيادي بالحركة الشعبية قطاع الشمال ووالي جنوب كردفان الأسبق، لرئيس الآلية الإفريقية رفيعة المستوى ثامبو أمبيكي في الجولة قبل الماضية من التفاوض، حول ضرورة تمثيل أصحاب المصلحة الحقيقية من أبناء جنوب كردفان بالحركة الشعبية في المفاوضات، وأن وفد عرمان لا يمثل قضية أهل المنطقة.
بدت الأمور في تلك اللحظة تشير بوضوح إلى افتراق الطرق داخل قطاع الشمال واهتزاز مقاعد كثيرين يتكسَّبون سياسياً ومادياً من هذه القضية، وهون البعض من أهمية تلك الخطوة بوجود رأي مخالف ومعارضة قوية في صفوف أبناء النوبة بالحركة الشعبية وتذمرهم من الطريقة التي يُدار بها التفاوض من قبل قيادة قطاع الشمال واستئثار عبد العزيز الحلو ومالك عقار وياسر عرمان بتسيير الأمور والادعاء بتمثيل المنطقتين بما يتوافق مع مصالحهم وتربُّحهم السياسي والمادي من هذه القضية.
بالأمس حدث تطور جديد ولافت، في اتجاهين، عدد من القيادات من أبناء النوبة بعاصمة دولة الجنوب جوبا وفي مناطق أخرى وداخل جبال النوبة، سلَّموا سفارة الاتحاد الأوروبي والسفارة الأمريكية في جوبا مذكرة احتجاج غاضبة مؤداها أن أبناء النوبة غير ممثلين تمثيلاً حقيقياً في المفاوضات، وأنهم قد تم إقصاؤهم من المفاوضات التي تدور حول مناطقهم ومصير أهلهم، وأُسند الأمر في وفد الحركة إلى غير أهله، وطالبت المذكرة بضم القيادات التاريخية من أبناء النوبة في الحركة الشعبية للتفاوض.. ورفض استخدام قضايا المنطقتين والمنبر التفاوضي لقضايا أخرى لا صلة لها بهموم المواطنين في جنوب كردفان والنيل الأزرق.
أما الاتجاه الثاني، فهو افتضاح أمر حركة العدل والمساواة تحت مظلة الجبهة الثورية، وهي تعمل على تجنيد الأطفال قسراً من أبناء النوبة الموجودين في معسكرات النزوح في بعض مناطق دولة جنوب السودان، واحتج أبناء النوبة في قطاع الشمال على هذه التجاوزات الخطيرة واستهداف الحركة الدارفورية المتمردة التي تعمل لصالح جيش دولة الجنوب في حربه ضد المتمردين من مجموعة رياك مشار.. لتجمعات أبناء جنوب كردفان في مقاطعات دولة الجنوب.
هذه العوامل والتطورات الجديدة، سيكون لها أثر بالغ في اتجاهات الأوضاع داخل قطاع الشمال، وفي الأوضاع داخل المنطقتين، فمن فترة طويلة يدور هذا الحوار والجدل الرافض لتوظيف واستثمار قضية المنطقتين لصالح أجندة سياسية تخص عقار والحلو وعرمان.. وكانت المجموعات التي جهرت برأيها قد هُمِّشت بالكامل، عندما كانت مجموعة باقان أموم تسيطر على الحركة الشعبية وتؤثر في القرار السياسي لدولة الجنوب وتنسق مع أطراف دولية لتهميش القيادات التاريخية من أبناء النوبة في الحركة الشعبية.
ومن الواضح أن كثيرين من أبناء المنطقتين ومن واقع ما تمخض عن الجولتين السابقتين للمفاوضات وطبيعة تكوين وفد قطاع الشمال، وابتعاد مطالب ورؤية الوفد التفاوضي للقطاع عن الموضوعات الحقيقية التي تهم أبناء المنطقتين، بدأوا يتحركون في اتجاهات مختلفة ويضغطون من أجل وضع الأمور في نصابها الصحيح والبحث عن أسهل المسالك والسبل لوقف الحرب والخراب الذي حل بالمنطقتين.
والمتابع لمجريات الأمور في المنطقتين، يدرك بدقة التحولات على الأرض والرغبة المؤكدة لدى سكان المنطقتين في وضع حد للحرب المجنونة التي تدور، وصناعة سلام حقيقي يعجل بالاستقرار والتنمية والخدمات المفقودة.
وليس هناك من يريد ربط وجوده واستقراره بالأجندة السياسية لثالوث الحرب في قطاع الشمال «عقار والحلو وعرمان»، فهؤلاء يحملون أجندة مغايرة تماماً لرغبة وتطلُّع أهل المنطقتين، ويريدون المشي فوق الجماجم والخوض في الدماء من أجل السلطة وإرضاء أسيادهم في الخارج، واستحلاب الأموال التي تغدقها عليهم جهات أجنبية لها مصلحة إستراتيجية في استمرار نزيف الدم السوداني.
فهناك أغلبية صامتة من سكان المنطقتين يجب أن تعبر عن رأيها، فإذا كانت قيادات النوبة في الحركة الشعبية قطاع الشمال قد تحركت، وفكت القيد عن معصمها، فإن القطاعات والشرائح الشعبية والفعاليات الاجتماعية والسياسية من أبناء المنطقتين عليها أن تقف ضد محاولات ثالوث الشر «عقار وعرمان والحلو» لتجيير القضية لصالحهم ومص دماء الأبرياء.
[/JUSTIFY]
أما قبل – الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة