احتجت زمناً طويلاً.. وخسائر عدة, لأكتشف حقيقة الوهم الكبير الذي كنت أحياه معك! ربما الذي كنت أحياه بك.. فالشاهد أنني وحدي التي انغمست بكلياتي فيه وتلاشيت فيك ومحوت ملامحي وذكرياتي لأتحول تدريجياً إلى صورة مهزوزة تحاول أن تشبهك في كل شيء؛ عساها تنال رضاك العسير!.
لقد آمنت بك حد التقديس.. ورأيتك بعيون راضية غير التي يراك بها الجميع, راهنت على اختلافك وجمالك الداخلي واخضرار روحك.. ولكنني خسرت رهاني أمام نفسي وأمام الناس.
هل يعقل أنني برغم تجاربي المتراكمة وعمري الطويل وادعاءاتي الزائفة بحسن تقديري وذكائي قد خدعت فيك؟.. هل يعقل أن تكون كل تلك اللحظات الحميمة والمواقف النبيلة والتضحيات العظيمة مجرد مشاهد درامية محبوكة الإخراج في فيلم (الصفعة)؟!!.
آآآآآآآآهٍ يا رجل القسوة والأنانية والغرور.. كم كنت ساذجة حين رأيت فيك كل العالمين وتنازلت طائعةً عن مبادئي وعاداتي وأعراف الطيبة والبساطه التي أحبها في الجميع، وبدأت أنظر للحياة بعيون الريبة والقلق والانغلاق.. وأحدد علاقاتي بالآخرين وفق أجندة المصالح المشتركة حتى لم أعد أطلق ابتساماتي قبل أن أتأكد من مردودها الإيجابي.. ولا أمد يدي لأصافح أحدهم إلا وخنجري خلف ظهري.. ولا أقدم (سبتاً) ما لم يتبعه (أحد) أخضر.
وها أنا الآن.. في مفترق الطرق.. أضعت عنواني القديم.. وطُردت من مكاني الجديد, فلا أنا أقوى على الرجوع.. ولا أملك حق البقاء!!.
ورغم اعتيادى على صفعات القدر.. كانت صفعتك موجعة.. كانت مختلفة وقوية وصادمة. فقد باغتتني من حيث لا أحتسب وأتتني من مأمن ركنت إليه يوماً وفتحت فيه قلبي على مصراعيه وعاهدت نفسي أن أتحول الى امرأة زجاجة.. لا من فرط رقتي ولكن من فرط شفافيتي وصدقي. ويا لغبن القلوب حين تمعن في الإخلاص والعطاء ولا تجد سوى الشك والهوان والجحود!!.
هل تسألني حقاً عما فعلته لأجلك؟!، وهل تحسب لي أرباحي معك بلغة المال؟.. هذه كانت تماماً صفعتى فيك!!، فلم تتمكن أبداً من التغاضي عن سطوة (التاجر) بأعماقك.. ولم يندح عطاؤك بالتجرد المفروض. لهذا أراك قد تاجرت بى زمناً في بورصة أهواءك ورغبتك في أن تلهُ بلعبة مختلفة بعض الشيء وتجرب نوعاً مختلفاً من البشر والمشاعر تضيفه لقائمة اكتشافاتك الطويلة وحكاياتك الشيقة ومغامراتك العديدة.. ثم ها أنت بعد أن مللت اللعبة (تبيعني) للمجهول.. وتغسل يديك من الواقع المربك الذي تركتني فيه.. وتمضي دون وداع لتجلس مسترخياً وتدخن سجائرك المفضلة على رفات أحلامي ومشاعرى وثقتي بك!!.
أحاول أن أتشبث ببقايا كرامتي وأدعي اللامبالاة.. أطلق تصريحات النسيان والجلد وأجتر لحظاتي الحرجة معك؛ لأدفع قلبي نحو كراهيتك وأحرضه على الإقلاع عن أدمانه عليك.
ولكن العديد من المشاهد والمواقف والعبارات والضحكات تحاصرني من جميع الاتجاهات.. أسئلة الآخرين وعيونهم تلاحقني بالشماتة وتغرس سكين الخذلان بصدري.
لماذا تركتني وحدي أجابه العاصفة بعد أن عاهدتني على الموت معي؟.. لماذا انهالت علىَّ صفعاتك دون هوادة ليموت ما بداخلي من أمان وحب واحترام ولا يبقى سوى الندم والحسرة والحنق؟.
ترى.. كيف تمضي أيامك دوني.. هل تفتقدني وتتجلد.. أم تحمد الله على خلاصك من هذه التجربة المريرة كما قلت؟.
كيف نجحت في محو آثاري.. ومن غيري تناديه (حبيبتي).. ولمن تبذل حنينك وأشواقك وتحمل مفاجاءاتك؟.
أعلم أنك قد شفيت مني.. ولكن تأكد أنك يوماً ما ستنتبه لواقع خسارتك لي وتدرك أنها أكبر خسارة في بورصة حياتك!.
أما صفعتك المؤلمة الداوية, فقد كانت كل ما أحتاجه لأستيقظ من سباتي العميق وحلمي المستحيل لأعيش واقع نجاحاتي الجميل!!.
تلويح:
لم يكن غيابك مأساوياً كما ظننت!!.. فقط خسرت شركات الاتصال أرباح مكالماتنا الباهظة!!.
[/JUSTIFY]إندياح – صحيفة اليوم التالي