:: متا بعة لأزمة أول البارحة التي شهدها مطار الخرطوم بعد إنسحاب ضباط و أفراد أمن المطار من مواقعهم إحتجاجاً على تعاقد إدارة الطيران المدني مع شركة الهدف لتأمين بعض مداخل المطار والصالات.. نعم، كما قال بيانهم إنسابت الرحلات وحركة الطيران وعاد الضباط والأفراد إلى مواقع التأمين.. ولكن، حلول الأزمة ( ليست جذرية)، بل ( حلول مؤقتة)، وهذا يعني توقع (أزمة أخرى) أو ( طامة كبرى)..فالمطارات من (المواقع الحساسة) التي لا تحتمل مثل (حدث أول البارحة)، وأن آداء أجهزتها ومعداتها والعاملين بها كما ( شرف الفتاة) بحيث يجب أن يكون مبرأ من كل (عيب وخلل وإنتهاك)، ولذلك تحرص الأنظمة على إبعاد ما يُعكر صفو الآداء و إنسياب الرحلات عن (مطاراتها)..!!
:: المهم..يوم إستقبال البلاد جثمان الفقيد محمود عبد العزيز عليه رحمة الله، شهد مطار الخرطوم مشهداً غير مألوف ولأول مرة في تاريخ المطار، وهو تدافع الجماهير إلى المطار ثم تجاوزها لكل المداخل الخارجية والداخلية حتى الوصول إلى ( مدرج المطار)، ومن هنا بدأ التفكير في تقوية تأمين المداخل ب (شركة الهدف).. ثم، ببعض مداخل الصالات تجاوزات فردية يرتكبها بعض الأفراد في حق ( الراكب والمرافق)، وذلك بإستغلال وظائفهم لمنفعتهم الخاصة، وخاصة عند مداخل صالات المغادرة و( وزن العفش)، ولذلك بدأ التفكير في تأمين هذه المداخل ب (شركة الهدف)..هكذا تقريباً التبريرات غير المعلنة، ولكنها متداولة في أوساط العاملين بالمطار ..!!
:: وعليه، فلتكن كل تلك الأخطاء والتجاوزات المذكورة أعلاها صحيحة على أرض الواقع..ولكن، هل الحل المثالي لتجاوزها هو إحلال أفراد شركة الهدف محل أفراد أمن المطار، أو كما يحدث حالياً؟.. في تقديري ( لا)، فالخطأ لايُعالج بالخطأ ولم تبرر الغاية في يوم من الأيام ( الوسيلة الخاطئة)..تأهيل وتدريب أفراد أمن الأمطار بحيث تكون كفاءتهم بمستوى سد ثغور مداخل المطار والصالات هي الحل الأمثل لتقوية (تأمين المداخل)، وليس إستبدالهم بأفراد شركة غير متخصصة في تأمين المطارات..ولضباط وأفراد أمن المطار أكاديمية متخصصة في تأهيلهم وتدريبهم، وكذلك لهم خبرات تراكمية في تأمين المطار، فالرهان على خبراتهم وصقلها بالمزيد من التأهيل والتدريب والتوجيه أفضل – للتأمين المطلوب – من الرهان على أفراد شركة لا علاقة لهم بالمطارات ودهاليزها ولا سابق خبرة في تأمينها..فقط ميزانية تعاقد شركة الهدف مع مطار الخرطوم تكفي لتدريب وتأهيل أفراد أمن المطار، وقد تزيد ..!!
:: أما تجاوزات وأخطاء بعض أفراد أمن المطار، فهي من طبائع البشر وصفات الناس، أي هم ليسوا بملائكة ولا كلهم شياطين..وما يرتكبها بعض أفراد أمن المطار يرتكبها آخرين بمواقع أخرى، ولمثل هذه التجاوزات والأخطاء أعدت قوانين العقاب ولوائح المحاسبة وآليات الرقابة والتنفيذ.. تجاوز فرد – أو حتى أفراد بأمن المطار – لايُبرر للطيران المدني (إلغاء أمن الطيران)، بحيث تكون شركة الهدف بديلاً، وكأن أفراد هذه الشركة ملائكة و أنبياء معصومين من (الخطأ والتجاوز).. ثم، الفرد بأمن المطار راتبه لايتجاوز ( 700جنيها)، والضابط بأمن المطار لايتجاوز راتبه ( 1.200 جنيها)، وهذا الوضع البائس لا يبرر الإبتزاز والرشوة وغيرها من التجاوزات والمخالفات، ولكنه من ( الدوافع)..!!
:: أما كان الأفضل بحث دوافع وأسباب أخطأء وتجاوزات بعض أفراد أمن المطار وإزالة تلك الدوافع والأسباب بالعقاب و تحسين الأجور؟.. وبالمناسبة، الجريمة والخطأ مسؤولية فردية، وكذلك نتائج المحاسبة و المساءلة، فكيف – ولماذا – يتم تحويلها بمطار الخرطوم إلى مسؤولية جماعية، بحيث يتحمل كل ضباط وأفراد أمن المطار خطأ وتجاوز فرد أو أكثر؟.. علماً بأن قيمة عقد شركة الهدف تكفي تحفيزاً وتحسيناً لأجور وحوافز أفراد أمن المطار بحيث لا يتجاوز أحدهم أو بعضهم القانون..كثيرة هي الحلول الجذرية لهذه الأزمة، ولكن أين التفكير الإستراتيجي الذي يبتكر الحلول الجذرية للأزمات والقضايا في زمان يسود فيه الإحتكام إلى نظرية ( رزق اليوم باليوم ) و نهج ( طاقية دا في رأس دا)، بحيث تكون الحلول كما الحل الراهن ( ثلاثية وقدها رباعي)..؟؟
[/JUSTIFY]
الطاهر ساتي
إليكم – صحيفة السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]