الانتماء للتوجه الإسلامي لا يجوز أن يكون انتماء عاطفياً أعمى يجعلنا أن نرى الإسلاميين دوماً وكأنهم ضحايا قرارات جائرة بل يجب أن يؤسس هذا الانتماء على أساس عقلاني منطقي وواقعي … ويجب أن يصاحبه نقد ذاتي صريح ومباشر خاصة إذا تلمسنا وجود أي خطأ … وهذا النقد يجب أن يكون علنياً كما الانتماء. ويضاف إلى كل هذا ضرورة الجمع المستمر بين الانتماء وتصحيح المسار … باختصار، يجب ألا يتحول الانتماء إلى ادعاء للعصمة من الزلل.
أبدأ بهذا المدخل وأضع بعده القرارات التي صدرت في مواجهة الإخوان المسلمين في السعودية وربما دول أخرى موضع النظر والتقييم … فيتضح أولاً أن هذه القرارات لم تصدر فجأة ولكنها وليدة خلاف بين الجهات التي أصدرتها والإخوان … هنالك تصورات وآراء في معسكر الإخوان وهنالك مطالب محددة في الجهة المقابلة … وطالما أن هنالك ثمة خلاف فيجب النظر للقضية من الجانبين وليس من جانب الإخوان وحدهم. هذا المنهج واجب على الإسلاميين اتباعه وإلا صاروا ظلمة ومنحازين دون حجة وبرهان.
حسب وجهة نظري … أن قرار السعودية في مواجهة الإخوان له مبررات ودوافع لا علاقة لها بمعاداة الإسلام السياسي أو الإخوان أو الحركات الإسلامية … وجزء من هذه المبررات تسبب فيه الإخوان المسلمون أنفسهم وذلك بسبب إصرارهم على التنظيم الدولي للإخوان وهو كيان يمنح إمرة للمرشد على فروع الجماعة في كل العالم … وبذلك يكون في عنق الأخ المسلم في الإمارات والسعودية أو غيرها بيعة لمرشد أو أمير خارج حدود بلاده … ولمزيد من الشرح … قبل تولي الإخوان للرئاسة في مصر كان هذا الأمر مقبولاً ولكن بعده تعتبر هذه البيعة لسلطان أو لجهة حازت على الحكم والنفوذ … أو تسعى لانتزاعه مجددا بعد أن خسرته … ولذلك فأنا أقترح قبل كل وساطة أو مناشدة أو مساعٍ أخرى أن يبادر الإخوان ويصدرون قرار بحل التنظيم العالمي فوراً!
قد يقول قائل وما هي فائدة حل التنظيم العالمي وقد (وقعت الفأس على الرأس!) وصدرت القرارات في مواجهة الإخوان المسلمين وأقول جواباً على هذا أنه لا يصح إلا الصحيح وما كان خاطئاً لا يمكن أن يتحول إلى صواب لمجرد أن الوقت قد تجاوز فترة التصحيح … لأنه وبكل بساطة فترة التصحيح مفتوحة وستظل مفتوحة طالما أن الخطأ موجود. كما أن العودة للصواب تؤكد حسن النية وهذا بدوره يفتح باب الحوار والنقاش ولو بعد حين.
هنالك فائدة أخرى من اتخاذ قرار حل التنظيم العالمي إذ بهذا القرار تصبح كل جماعة إخوانية مسؤولة عن نفسها وتصرفاتها … يصبح الحكم على الإخوان في البلد الفلاني أو العلاني لا يستدعي تعميم الحكم في غيره من البلدان … ويصبح من المنطقي إعادة النظر في تصنيف الإخوان كلهم بالإرهاب لأنهم ليسوا جماعة واحدة.
تريثوا قليلاً قبل أن تحكموا على أي شيء … إن الإماراتيين المنتمين للإخوان بالنسبة لحكومتهم وشعبهم (أبناء بلد) … وإن السعوديين بالنسبة لحكومتهم وشعبهم (أبناء بلد) ومن المستحيل على مثل هذه الدول المعرفة بقوة الآصرة واللُحمة بين الأسر والعوائل والقبائل وحكامها أن تقدم على قرار يصف بعضاً من أبنائهم بالإرهاب بسهولة أو دون حسابات متانية للغاية وبعد تجريب لعشرات الحلول البديلة ولذلك أعود وأكرر … هنالك أخطاء ارتكبت من طرف الإخوان وهذه الأخطاء طال الزمان أو قصر يجب أن تصحح.
نهاركم سعيد – مكي المغربي
صحيفة السوداني