طبعا كلنا يذكر قصة تقاوي القمح الفاسدة التي ظهرت مع بداية الموسم الشتوي الحالي تلك القضية التي وصفناها بأنها محظوظة لأنها وجدت حظها من الإعلام والتي تتلخص في أن التقاوي التي استجلبت من تركيا لموسم 2012 / 2013 وصلت متأخرة فتم تخزينها في مخازن مشروع الجزيرة ببركات للموسم الحالي ولكن بعد زراعتها أظهرت ضعفا بائنا في الإنبات وتأخر إنباتها في نفس الوقت فقامت عليها دنيا الإعلام وشكلت لها لجنة وأصدرت اللجنة كلاما مبهما وبما أن اللجنة لجنة تحقيق وليست لجنة محاسبة فقد توزع دم التقاوي بين التخزين والتعفير والبنك ووزارة الزراعة وتمطت القضية واصطحبت معها قضية ثمن التقاوي الذي كان المخزون الاستراتيجي للذرة ثم الشركات التي وقع عليها الترحيل وكل هذا يشي بأن القضية كان وراءها ما وراءها او على الأقل استغلت لتصفية بعض الحسابات وما أكثر الضرب تحت الحزام في الأنشطة الزراعية في بلادنا المنكوبة.
عينة التقاوي المشار اليها والتي استجلبت من تركيا تسمى امام وهي أصلا سودانية المولد وذهبت الى تركيا واكتسبت عافية وقوة وعادت للسودان وقد أثبتت نجاحا طيبا فالتقاوي المشار إليها كان يفترض أن تزرع بها مساحة سبعين ألف فدان في الجزيرة ولما تأكد فسادها عملت لها معالجة وهي مضاعفة الكمية بمعنى أن الفدان الذي ينبغي أن يزرع بخمسين كيلوجرام من التقاوي كالعادة؛ أعطي مائة كيلو فأصبحت المساحة المزروعة بها ثلاثين ألف فدان تقريبا فاهتزت بها الأرض وربت وأنببت وبشوية تأخير. أها تعالوا شوفوا اليوم وقد استوت وأصبحت جاهزة للحصاد فأقسم بالله العظيم لم أر مثل إنباتها من قبل, طول في السيقان، اخضرار وحجم قندول غير ومن أراهن بأن إنتاجية الفدان ستكون غير عادية وقد لا تكون لها سابقة في تاريخ زراعة القمح في الجزيرة.
شهادتي هذه في مساحة محددة بالطبع ولكنني سألت عن المناطق التي تمت فيها المعالجات فتأكدت أنه قد حدثت نفس النتيجة الباهرة؛ الأمر الذي أصابني بالحسرة مرتين ومن المؤكد سوف تصيب كل المهتمين بهذا الأمر، المرة الأولى لو كانت هذه البذور قد وصلت في مواعيدها في الموسم الماضي من الميناء الى الحقول مباشرة وزرعت طازة في مساحة سبعين ألف فدان من المؤكد أن إنتاجيتها كانت ستكون مذهلة لاسيما وأن شتاء العام الماضي كان أفضل من شتاء العام الحالي الأمر الثاني لو خزنت تخزينا صحيا وزرعت بها السبعين ألف فدان في هذا الموسم كان الناتج سيكون مضاعفا وهكذا نحن دوما حظنا يجعلنا (نلقى العضمة في الفشفاش) وهكذا نحن تأخير في الإحضار وسوء تخزين وقتل للنجاح التركي.
بالمقابل تعالوا شوفوا المساحات التي زرعت بغير التقاوي الفاسدة والتي استجلبت من بعض الأماكن من داخل السودان ومن ضمنها حواشة العبد لله لقد كانت هي الأخرى مصدر حسرة فالتقاوي كانت زي الزفت كلها طفيليات (عدار وفجل والذي منه) وإنباتها زي الزفت وبالطبع إنتاجيتها ستكون أزفت فرغم أننا زرعنا ليس على حسابنا بل على حساب الإدارة التي قامت بكل العمليات التمويلية إلا أن مجهودنا الذاتي من سقاية وحراسة قد يضيع سدى ويا ميلة بختك يا امة المزارعين.
[/JUSTIFY]
حاطب ليل- السوداني
[email] aalbony@yahoo.com[/email]