*كشف التيجاني السيسي رئيس السلطة الإقليمية بدارفور في مؤتمره الصحفي الأخير، عن حرق خمس وثلاثين قرية بولاية جنوب دارفور في الأحداث التي شهدتها مناطق (أم قونجا والحجير وسانيه دليبة) منذ نحو أيام.
*وقال الرجل السيسي في اجتماع السلطة الأخير الذي يضم ولايات دارفور، قال إن تلك المناطق قد تعرضت للحرق من قبل منفلتين بعد أن انسحبت منها جيوب لحركات مسلحة رافضة للسلام.
*وأوضح الدكتور السيسي أن هذه المناطق تعد من قرى (العودة الطوعية) وقد نتيج عن حرق هذه القرى نزوح ثلاثين ألف مواطن باتجاه معسكري (كلمة والسلام).
*غير أن أفدح عبارة قال بها رجل السلطة التنفيذية ويجب الوقوف عندها طويلاً، هي قوله: إن الاعتداء على المواطنين سيعيد الإقليم إلى المربع الأول والمواجهة مع المجتمع الدولي!
*وتكرار هذه السيناريوهات، والحديث لمؤسسة الملاذات، الجناح الإستراتيجي، أصبح لا يحتاج إلى عبقرية مراقبين ومحللين سياسيين، فرعاة الضأن في بوادي السودان باتوا يدركون أبعاد تراجيديا هذه الأحداث.
*فهي بالأحرى معركة مستمرة بين أدبيات (قرى التوطين) وثقافة (معسكرات السلام)، خصماً على عمليات الاضطراب والحرب في الإقليم، وكلما اتسعت دائرة المعسكرات تتسع في المقابل رقعة الحرب والاضطرابات.
*وبهذه الحسابات والمعايير فقد نجح رجال الحركات المسلحة الذين يرفضون السلام في ضم ثلاثين ألف مواطن إلى دائرة الاضطراب والمعسكرات، وفي المقابل قد خصمت قرى بسعة ثلاثين ألف مواطن من دائرة السلام والإعمار والحكومة.
*هي (دراما الأرض المحروقة) بامتياز، فالممولون من وراء البحار والتنظيمات الإنسانية تدفع وتمول بمقدار اتساع دائرة القرى المهجَّرة والمعسكرات، بحيث يقاس نجاح الحركات المسلحة باتساع نطاق الحرب والتدمير، وفي المقابل يقاس نجاح الحكومة بعدد (القرى المستقرة) وعدد البنيات من مشافٍ ومدارس ودوانكي مياه الشرب، ذات البنيات التي أصبحت هدفاً لنيران الحركات المسلحة.
*والمجتمع الدولي في آن واحد (يفلق ويداوي)، فهو الذي يمول الحركات المسلحة عبر (منظماته الإنسانية) لتتسع دائرة الاحتراب، وهو نفسه في المقابل الذي يقدم (حكومة الخرطوم) للمحاسبة بحجة أنها شردت مواطنيها.
*قالها المناضل ياسر عرمان عندما فخخ (مفاوضات أديس أبابا) من الداخل قال الرجل (فلتستعد حكومة الخرطوم) إلى مواجهة المجتمع الدولي.
*بعض صناع الرأي هنا أيضاً يفعلونها عن جهل أو علم لا أدري، عندما يطالبون الحكومة الخيار بين (وقف الحرب) أو مواجهة المجتمع الدولي.
*والسؤال هنا، كيف توقف الحكومة الحرب؟ فالحكومة تنفق كل إمكاناتها في بناء القرى الآمنة وتجلب لها كل سبل الحياة الكريمة، والمتمردون بعمليات السلام والاستقرار بالمرصاد!
*قديماً قال أهلنا: “إن كان المتحدث مجنوناً فليكن المستمع عاقلاً”، على أن السلطة التنفيذية تبذل جهوداً جبارة بكل أجهزتها وولاياتها، غير أنها في مواجهة مجتمعاً مجنوناً لا يرغب في نهاية قريبة لهذه الأزمة.
*لكن ليس أقل من أن نسمي الأشياء بمسمياتها وأن نواجه المجتمع الدولي والمتمردين بالمنطق والحقائق.
ملاذات آمنه – صحيفة اليوم التالي