بئر الخيانة

[JUSTIFY]
بئر الخيانة

* لماذا نلجأ ـ أحياناً ـ لممارسة الخيانة ضد من نحب؟!!… وهل تكون حينها خيانةً
متعمدة أم أننا نسقط برغمنا في بئرها السحيقة؟! وهل يستقيم فعل الخيانة موازياً
للحب والاحترام أم أنه لا يحتمل السماح والتغاضى؟؟!!.. وما هي درجات الخيانة ودوافعها حتى بلوغها حد الخيانة العظمى غير المشروعة, وهل هناك فعلياً (خيانة
مشروعة) بعيداً عن الخيال الواسع للمخرج الرائع (خالد يوسف)؟!!
أسئلة كثيره منطقية وغير منطقية تدور برأس تأملاتي لتصاريف العلاقات الإنسانية من حولي. فقد باتت الخيانة واقعاً ملموساً نحياه بعيون مفتوحة وبعضنا يدرك أنه خائن أو (مخون) به ولا نعترض, بل نمارسه جميعاً بأشكال وأبعاد مختلفة لم تعد قاصرة على العلاقات الشخصية الحميمة فحسب .
وحالما ينبري أحدكم للدفاع عن المجتمع السوداني أو يؤكد نزاهته الشخصية وبعده
التام عن الخيانة مستعيذاً منها فعليه أن يتذكر أولاً أن إخفاء الحقائق والكذب خيانة.. ونظرات الإعجاب خارج إطارها المشروع خيانة.. والخذلان والجحود خيانة.. والغيبة والنميمة خيانة.. والشكوى والتذمر من شركاء الحياة خيانة.. وذكرك حبيبك بما يكره وتعديد مناقبه خيانة.. والمماطلة في سداد الدين
خيانة.. والتقاعس عن أداء العمل على الوجه المطلوب خيانة.. وإهدار المال العام واستباحته خيانة.. وصب اللعنات على رأس الوطن خيانة.. وإخلاف الموعد خيانة..
وليقابلني بعدها إن وجد نفسه خارج إحدى هذه الآبار, ناهيك عن فعل الخيانة الواضح المتعارف عليه في حق الدين والوطن والأزواج.
فهل تبقي هناك من لم تسول له نفسه يوماً الإتيان بخيانة ما ولو برغمه؟ علماً بأنها تكون أحياناً لدوافع نبيلة أو لدواع أمنية.
والحديث عن الخيانة لا ينفصل بأية حال عن حديث الإخلاص.. فنحن أحياناً نلجأ للقيام بأمور خفية حرصاً منا على مشاعر عزيز لدينا ولأجل القيام بتوضيح بعض الأمور أو حسمها أو تحقيق فائدة مشتركة مدفوعين برغبتنا الأكيدة في حماية علاقتنا بأحدهم ودون الإضرار به أو بنا ولثقتنا الأكيدة في قدرتنا الذاتية على معالجة بعض القضايا وغايتنا النبيلة وراءها.
إن الإخلاص ليس بنداً ينص عليه القانون.. ولا فرضاً يفرضه المأذون, وربما لا يعي البعض التعريف الحقيقي للإخلاص, فهو في الأساس رغبة تنبع من العاطفة وتغني المرأة عن كل الرجال عدا رجلاً واحداً, والرجل عن جميع النساء إلا امرأة واحدة.
وهو في المقام الأول حق لنا.. وليس مجرد واجب تجاه الآخر! أن نخلص له طائعين
مختارين عن قناعة تامة وليس على مضض أو من باب الالتزام والأخلاق فحسب.
فلا يتأتى الإخلاص برغمنا ولا عنوة ولا اقتداراً ولا خوفاً أو احتراماً للآخر. فقد لا يعلم هو أبداً أننا مارسنا ضدة يوماً نوعاً من الخيانة.. ولكننا نعلم!
فهل جهل الشريك بالأمر يعفيك من لقب خائن؟ وهل ثقته المفرطة فيك تنيم ضميرك؟
* في الحياة الزوجية حيث المرتع الخصب للخيانة وتبريراتها وإيجاد الأعذار الواهية أو المقنعة لها- يجب أولاً أن يدرك الطرفان أن شرط الإخلاص لا يرد في وثيقة الزواج. ولكن تقرره عواطفنا وأعرافنا وشرائعنا ولا ينتظر المقابل. إذ لا يجب علينا أن نتوقف لنتساءل: (هل يخلص لنا الشريك بذات القدر؟) فالإخلاص كسلوك لا يقاس بردود الأفعال, ولكنه يقاس بإيماننا المطلق وإحساسنا الصادق به. لذا يبقى السؤال الأصعب: (ماذا نفعل عندما نضطر لممارسة شكل من أشكال الخيانة وإن كان حميداً؟).. هل نسكت ونداري الأمر ونكابد عذاب الضمير؟ أم نعترف ونطلب الغفران ونغامر باحتمالات فقدان الحبيب أو فقدان ثقته على الأقل؟!!
* تلويح:
(أخونك)!!!! هل تصدق أخونك؟!!!

[/JUSTIFY]

إندياح – صحيفة اليوم التالي

Exit mobile version