أتمنى أن تكوني كما نتمنى لك.. وشكراً على ما تقدمينه لأرواحنا وعقولنا.
قبل ما لا يقل عن السبعة أعوام كتبت نص “احتاج أن أبتسم كل صباح”.. حينها كانت بوادر انفصال الجنوب قد لاحت في أفق فهم المواطن البسيط الذي صعُب عليه توقع ماقد يحدث في تالي أيامه، وهو يزيح عن ذهنه فكره احتمالات الانفصال هرباً من سؤال: ثم ماذا بعد هذا؟
وبالأمس حينما طالعت اندياحك “مطلوب وطن” وجدتني أواجه نفسي بذات السؤال في منحى آخر.. ثم ماذا بعد هذا؟
هذا الوجع اليومي الذي نعايشه، ونحن نرى حُلمنا في حياة كريمة لأطفالنا ينكمش حيناً بعد حين ليتلخص في كلمة (الحمدلله على نعمة وجودهم في حياتنا) متنازلين عن متبقي ما كان يجب أن تكون عليه هذه العبارة إن نُطقت بشكل صحيح فسوف تكون (الحمدلله على نعمة وجودهم في حياتنا.. والحمدلله على نعمة وجود الوطن في حياتهم)!
كيف لي أن أشرح لصغيرتي معنى الوطن، وهي لازالت تذرف دمعها كلما تذكرت ألمها وحالها قبل عامين من الآن حينما أصيبت بالتهاب الزائدة ، وأنا أدور بها منتصف الليل من مشفى إلى مشفى حكومي وخاص فتلفظنا كل واحدة للأخرى بحثاً عن سرير حتى منتصف نهار اليوم التالي إلى أن انفجرت الزائدة، وكادت تضيع مني لولا لطف الرحيم الكريم.
كيف لي أن أشرح لها معنى الوطن، وأنا أطالع في عناوين الصحف أن من (كاد أن يكون رسولاً) قد (كاد أن يكون مجنوناً) بسبب اكتظاظ التلاميذ بصفوف المدارس 120-190 في الصف! مش حرام؟) وأتساءل كيف استطاع هولاء التلاميذ أنفسهم الاحتفاظ بعقولهم فى رؤوسهم ناهيك عن أن يفهموا أو يستوعبوا بها أي درسٍ كان!
كيف لي أن أشرح لها معنى الوطن وسط مزادات التعليم الخاص التي بدأ موسمها وتعالت أجراسها (الا دوى.. الا دونا.. الا ترى).. والحشاش يملأ شبكتو.. !
تحضرني الآن مقولة نجيب محفوظ عندما رأى طفلاً يبيع الحلوى في الشارع فقال (أحلامُ الأطفالِ قطعة حلوى.. وهذا طفلٌ يبيع حُلمه..!).. ونحن اليوم أيضاً نبيع حلمنا في وطنٍ تحورت فيه كل عاطفة ومحبة الأمومة داخلنا إلى مخاوف وقلق وهموم من كيف سينامون، وماذا سياكلون وأين سيتعلمون؟! وفوق وقبل كل هذا.. أين سيتعالجون إن مرضوا.. لنذهب بخيالاتنا وأحلامنا إلى أوطان أخرى نرى أطفالها ينعمون بحياةٍ كريمة ..!
ويا طالع الشجرة
جيب لي معاك كتاب أطفالنا تقراه
جيب لي معاك علاج أطفالنا تلقاه
ومصحة جنب البيت.. والسكة مختصرة
أطفالنا نور العين الغيمة والمطره
حماهم الله وحفظهم.. الحمدلله على نعمة الأمومة.. والحمدلله على نعمة وجودهم في حياتنا.
أحلام محمد عبد الله – قارئة
*تلويح:
استوقفتني رسالة أحلام لأنها صادفت قلقي.. نحن أيضاً يكتب وجعنا بعض القراء الأعزاء.. دمتم لنا.. ودام الأمل.
إندياح – صحيفة اليوم التالي