كلمة عقل وتصريح منطقي صدر عن بعض قيادات الحزب الشيوعي يوم الخميس بأن تقدم الشعبي والأمة بخطوات منفردة نحو الحوار مع الوطني سيهدد وجود شيء اسمه تحالف قوى الإجماع.
ثم وبعد ساعات، صباح الجمعة، يعلن صديق يوسف في برنامج مؤتمر إذاعي ما قد يفهم منه أنه استعداد من الحزب الشيوعي للحاق بالحوار أو على الأقل عدم تمسكه بتنفيذ تلك الشروط بحذافيرها مع تأكيد رغبة الحزب في تهيئة أجواء الحوار قبل الدخول فيه..
وكالة الأخبار الرسمية سونا أوردت الخبر وأبرزته على أساس أنه بمثابة إعلان من الحزب الشيوعي عن المشاركة في الحوار بعد تهيئة الأجواء، أما شبكة الشروق فقد اعتبرت أن تصريح صديق يوسف يعني أن الحزب الشيوعي يعلن استعداده للحوار مع الوطني.
وفي تقديري أن إفادات صديق يوسف القيادي بالحزب الشيوعي هي تصريحات مرنة وجيدة اللغة بحيث أنها تعطي انطباعا بأن الحزب الشيوعي قد يقتنع بمجرد مظهر تهيئة الأجواء ولا يشترط القيام بإجراءات كبيرة مثل إلغاء قوانين أو تعديلها قبل البدء في الحوار.
ولو تحدث الشيوعي عن تهيئة أجواء الحريات فإن الوطني بالمقابل من المفترض أن يقوم باتخاذ بعض الخطوات المطلوبة لإثبات وجود تغيير حقيقي وليس تغييرا وهميا في الجو العام، جو الحريات العامة وحرية التعبير وممارسة النشاط السياسي بالسماح للمسيرات أو الندوات بالتنظيم تحت حماية الشرطة وفي حدود ممارسة العمل السياسي المعارض المنضبط وليست دعوات الإنفلات وتهديد الأمن العام ..
هذه إجراءات منطقية ومهمة وهي في مستواها المعقول يفترض أن تكون في تقديري بالنظرة الواقعية إجراءات كافية لتحقيق معنى تهيئة الأجواء ..
فالدخول في أجواء الحوار بجدية ربما يحقق بعد ذلك المزيد من مطلوبات وشروط الوفاق الوطني ويرجح كفة التيارات المقتنعة بالحوار داخل السلطة وليس التيارات ذات العقليات الشمولية المتطرفة ولكن الحديث من على البعد ومن خلف سياج التوجس ووساوس الوقوع في شباك الحكومة هو الذي يحقق للشموليين من الحاكمين مرادهم ويهزم توجهات الوفاقيين داخل السلطة وبالتالي يعطل أي مسار إيجابي لتحقيق الاستقرار السياسي في السودان .
نحن كمواطنين نتعطش لحوار ثر لا تنقصه مساهمة الحزب الشيوعي ولا مرئيات حزب الأمة أو أفكار المؤتمر الشعبي أو حتى طاقات حملة السلاح .
فالبلاد في مأزق تضيق حلقاته كل يوم ومن الواجب على النخب أن تستوعب الدور الوطني المطلوب منها وتتجاوز الصغائر وترجئ بعض الحسابات المتراكمة للزمن ولوقت آخر فالتشفي السياسي حين يكون على حساب الوطن هو نوع من أنواع الخيانة الوطنية وامتناع عن لتلبية نداء الوطن الجريح ولن أصفه بالكسيح..
ولنكون إيجابيين بعض الشيء في نظرتنا لتطورات الحالة العامة قد نلحظ إشراقات طيبة حين يصدر قرار من المحكمة الدستورية يقضي بإلغاء قرار جهاز الأمن والمخابرات الوطني القاضي بإيقاف صحيفة التيار عن الصدور.. ويأتي إلغاء قرار الأمن بإجماع قضاة المحكمة الدستورية لمخالفته القانون والدستور، فإن ذلك يعني أن هناك حماية قانونية لممارسة مهنة الصحافة ويمكن القول إنها حماية تحتاج فقط إلى تطوير وتفعيل لعمل المؤسسات المعنية وليس إيجادا من العدم.. عثمان ميرغني تمسك بحقه فناله بأمر القضاء وليس منحة أو عطفا من أحد.. أليس هذا مؤشر جيد..؟!
تصريحات صديق يوسف إيجابية اللغة والمعنى ويمكن أن تمثل خطوة كبيرة في طريق انضمام الجميع إلى طاولة نرجوها كاملة الحضور.
[/JUSTIFY] جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي