رأي ومقالات

(في هواك يا جميل العذاب سراني)

قلت له وطنا هو ابونا فإذا كان ابوك مريض فانت أمام خيارين اما تأخذه إلى مكان علاج أو تبقى معه إذا تعذر نقله.. فهذا هو الذي حدث لنا ايام النكبة وما قبلها.. ليت هذا السودان كان وطنا متعافيا وأهله في امان وسلام لكنا زنبعنا وهججنا وشفنا الدنيا ويامطار فكني ويا ميناء امسكيني… لكن قدرنا أن يكون كما هو الآن وان نكون متمسكين به رغم كل شي .(قالت له والله بعد شناتي دي كاتلين فوقي راجل) فالحب قسم ياعيني

تأسيسا على ما تقدم كان قرارنا أن نبقى في مكان النكبة ونتجرع كل ويلاتها وماسيها ونموت في اليوم الف مرة وعندما خرجنا وجدنا ألسودانيين في الخارج عاشوا المحنة بكل أبعادها أضعاف ما عشناها نحن فالإنسان داخل الغابة يرى الأشجار التي تحت نظره المحدود اما الذي خارج الغابة فيراها كلها..

كل هذا رمية لكي اقول ان كل الذين جالستهم في زيارتي هذة وجدتهم قد عاشوا ايام النكبة التي حلت بالبلاد بمعاناة تفوق معاناة من كانوا بالداخل وحتى الذين تمكنوا من إحضار أسرهم الصغيرة كان هم الأسرة الكبيرة طاغيا عليهم قال لي أحدهم قبل حضور أولادي كنت أبكي واتجرس وحدي ولكن بعد حضورهم أصبح البيت كله بيت بكاء الزوجة تكورك ناس امي وناس ابوي والأطفال كل واحد يردد في اسم صديقه وأبناء الجيران لقد زادوا تعاستي وصبوا همهم فوق همي فأصبت بمبادي جلطة واصبح الأسبرين صديقا جديدا مع ما قبله من
صناديق الدواء

واصدقكم القول أنني لم أكن مستغربا ذلك فقدعشته في نكبات أقل من هذة الأخيرة بكثير لا أود أن ازجمكم بها

خلاصة القول إن الذين عاشوا النكبة وهم خارج حدود الوطن كانوا يحملون معهم الوطن وكان ينزف في دواخلهم… ان وطنا يحبه أهله بهذة الصورة لن يضيع وليت الذين يتربصون به يعلمون ذلك لكي يوفروا جهودهم الدنيئة هذة

عبد اللطيف البوني