ليست المشكلة أن القحاتي يفرح ويحتفل بتحرير الخرطوم، المشكلة أن يتعامل مع الأمر وكأن الخرطوم تحررت لوحدها أو حررها سيده فولكر. هو لا يريد الإعتراف بانتصار الجيش لأنه يكره الجيش، ويكره المستنفرين أكثر من الجيش ولا يستطيع الإعتراف بتضحياتهم، وهو كان يريد للمعركة أن تنتهي بالتعادل بين الجيش والمليشيا ليعود ويقل أدبه على الجيش وعلى كل من ساندوه ودعموه.
القحاتي ظل موققه السياسي متطابقا مع المليشيا بشكل كامل، الحرب بالنسبة له أشعلها الكيزان الذين يحاربون ثورة ديسمبر بينما الدعم السريع يقاتل دفاعا عن الثورة، وبما أنه يقاتل الكيزان، فله أن يدمر الدولة وينكل بالشعب، المهم هو قتال الكيزان وهزيمتهم بأي ثمن.
إنتصار الجيش هو هزيمة لكل ما آمن به القحاتي، وهو أسوأ مخاوفه، ولكنه أصبح أمرا واقعا والشعب كله يحتفل. وهنا لابد للقحاتي من مسايرة الموجة، ولكنه في قرارة نفسه يشعر بالهزيمة. لقد انتصر شعار #بل_بس، إنتصرت الكرامة الرجولة وهذا يزعج القحاتي الذي راهن على #لا_للحرب، الشعار السلبي الخائب فارغ المحتوى والمضمون. القحاتي كان يتصور نهاية الحرب بتدخل خارجي من أسياده، بقوات دولية ومناطق عازلة وبوصاية خارجية على السودان، لكي يستطيع أن يعود ويحكم.
ولذلك فإن انتصار الجيش مسنودا بالمقاومة الشعبية والمستنفرين والمجاهدين هو ضد كل ما يتمناه القحاتي، ولكنه يحتفل. دعوه يحتفل، ولكن يجب أن لا ينسى.
حليم عباس