لم يكن تاريخ السادس والعشرين من يناير، تاريخاً عابراً في الذاكرة السودانية المثخنة بالتواريخ، فقد عُرف في المقررات الدراسية بأنه تاريخ “فتح الخرطوم” أو إن شئتم قلتم تحرير الخرطوم، ففي ذلك التاريخ من العام 1885 إقتحم جنود الثورة المهدية باحة القصر الجمهوري في الخرطوم ، بعد حصار دام قرابة العام، وقتلوا الحاكم الإنجليزي الجنرال غردون باشا وأنهوا بذلك حكماً استعمارياً متعدد الأطراف (مصرياً تركيا إنجليزياً) دام نحو 63 عاماً !!
وفي مثل هذا اليوم، قبل عام بالتمام، أطلقتُ برفقة مجموعة محدودة من الصحفيين والصحفيات، موقع “المحقق” الإخباري، كانت الخرطوم يومها “محتلة” ترزح أغلب أنحائها تحت حصار المليشيا المدعومة من قبل قوى خارجية دولية وإقليمية، أرادت أن تبسط هيمنتها على السودان وتهيمن على السلطة والثروة فيه، وكنا يومها قد عقدنا العزم على أن نرمي بسهمنا – من ناحية عملية – في تجلية طبيعة الحرب التي يخوضها جيشنا وشعبنا، فقد كان أمر الحرب وطبيعتها ملتبساً على الكثيرين، ولذلك اخترنا التأريخ لرمزيته، ولنُبقي على وهج الأمل في نفوسنا بأن الخرطوم ستعود حرة أبية، طال الزمن أو قصر.
وتشاء الأقدار اليوم (26 يناير 2025) أن يتحقق ما كنا نراه بعيداً، فها هي جيوش المليشيا تندحر وها هي غالب أنحاء الخرطوم – الولاية – تلفظ المليشيا وتسقبل أبطال جيشنا والقوات المساندة لهم من جهاز المخابرات العامة والقوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح والمستنفرين بمختلف فئاتهم إستقبال الفاتحين، ولم يبق أمام عناصر المليشيا الإرهابية خيار سوى أن يستسلموا أو يهربوا أو يلاقوا مصيرهم المحتوم.
ومع احتفالات شعبنا بانتصارات جيشه، نحتفل نحن في “المحقق” بإطفاء الشمعة الأولى ولم نكد نصدق أن عاماً بالتمام والكمال قد انقضى .. نحتفل وقد زادتنا التجربة وعياً بالتحديات وعزيمة على مواجهتها متحدين ومتآلفين، فشكراً للزملاء إدريس وطلال ومحمد المامون ورمضان وأبو دجانة ومحمد عثمان وعزمي وشكراً للزميلات صباح ونازك ومريم وهبة، على صبرهم وتحملهم وحرصهم على خوض التحدي وإنجاح التجربة.
وشكراً للذين اقتنعوا بصوابية مشروعنا الصحفي فدعموه بالرأي والنصح والمال، فلولا دعمكم لما أمكن لأفكارنا أن تجد ساقين تمشي بهما بين الناس .. وشكراً ل “الناس” القراء، الذين وجدوا فيما ننتجه من محتوى ما يستحق القراءة والتصفح، فبتصفحكم ها نحن نسجل حضوراً في منصات البحث عند العم قوقل وفي غيره ويزداد عدد متابعينا شهراً بعد شهر..
والشكر من فوق هذا كله لله، الذي وهبنا القدرة والصبر، ويسر لنا الأسباب ، ونسأله أن يمدنا بمزيد مما أنعم علينا به حتى نبلغ ما نطمح إليه، ونسير نحو الأمام دائماً، وهو ما كتبناه في الكلمة الافتتاحية قبل عام “أن نحتل موقعاً متقدماً بين رصيفاتنا من المواقع الصحفية الإلكترونية السودانية”.
العبيد أحمد مروح