مناحة الكنابي، وحِزمة الدوابي

غَضَّ النظر عن صِحة الروايات الكثيرة المتداولة عن ما وقع فی بعض الكنابي بولاية الجزيرة، من إنتهاكات!! سواء أن كان (مرتكبها/مرتكبوها) يتبعون للجيش أو للمستنفرين أو للمليشيا أو لمواطنين من أی بقعة من أرض السودان!! أو إنَّ المقاطع المتداولة صحيحة أم إنَّها مفبركة، تعود لأحداث وقعت فی الصومال!! أو كان (الضحايا/الضحية) من السودانيين أو من الأجانب!! فإن الفعل مدان، يوقع فاعله تحت طاٸلة القانون الطبيعي /الشرعي/الطوارئ.

دعونا نقرر ذلك أولاً،ثمَّ لْنَنْظُر فی التفاصيل ثانياً، وقبل ذلك كله دعونا نخاطب (جذور المشكلة) ونعرضها علی قانون الأراضي السوداني، أو علی الأعراف الساٸدة فی الجزيرة وخلافها من بقاع بلادنا!!

فما مِن حربٍ وقعت فی أي بقعة فی العالم علی مرَّ التاريخ إلَّا وكان (الإستحواز علی الأرض) القاسم المشترك الأعظم بين كل تلك الحروب، حتّیٰ غدا ذلك من البديهيات، وقضية الكنابي ليست بِدَعاً من ذلك، وتاريخها فی بلادنا موغل فی القِدَم، واستخدامها كورقة لعب سياسية معروف، وشعار الساسة مشهور حولها تُلَخِصه المقولة (أُكلوا توركم وأدُّوا زولكم)!! فی إشارة واضحة لمسايرة من يحاول إستقطاب سُكَّان الكنابي لصالح حزبه الذی لا يوافق هویٰ الحزب الذی يحملون عقيدته، والمقولة منسوبة للسيد الصادق المهدی، دون الخوض فی التفاصيل!!

لم تصل تسجيلات الأراضي فی عهد المستعمر إلیٰ مناطق شاسعة من السودان مثل كردفان ودارفور، لذا فإننا نجد الوضع هناك يقوم علي الحواكير أی الملكية الجماعية لقبيلة ما، وتعرف بالديار مثل دار(فور) ودار (مساليت). تباهیٰ أحد عربان الشتات فی شارع المدارس بمدينة الجنينة يوم نكبتها المُرَّة فقال وهو يتبختر بسلاحه (تاني من اليوم ما في دار مساليت فی دار عرب بس!!) فَلَخَّصَ بذلك الهدف الإستيطاني من الحرب!!

ولا نجد بالمقابل دار (حلفاويين) ولا دار (دناقلة) ولا دار(شايقية) ولا دار (جعليين) فالأراضي هناك مسجلة بتعريفات محددة أراضي (حِكِر اْو موصیٰ عليها بالحِكِر، أو مِلك حُر) وكل الأراضی القَفْر للحكومة تفعل بها ما تشاء، بل يكفل قانون النزع والتسويات للحكومة الحق فی أن تضع يدها علی ما تشاء من أراضٍ حتی ولو كانت مملوكة لشخصٍ ما للصالح العام!! وكم نشأت نزاعات بسبب ذلك، فقيام شركة (جياد) مثلاً صاحبته مشاكل كثيرة واحتجاجات أدَّت بسكان المنطقة لقفل طريق مدنی الخرطوم، ومشروع زاٸد الخير بشرق الجزيرة، لم يسلم هو الآخر من احتجاجات المحتجين والأمثلة أكثر من أن تُحصیٰ.

الكنابی تحتل أرضاً مملوكة لغير ساكنيها، وحق هٶلاء المُلاك لا يسقط بالتقادم ولانريد أن نُقَسِم المواطنين بين أصليين ووافدين، لكن العدالة تقتضي أن تُقَسِّم الحكومة سُكان الكنابي بين مواطنيين وأجانب!! كما إنَّ هناك ظروفاً فرضتها حرب المليشيا وهذه توجِب أن يكون هناك تصنيف للمليشيا والداعم للمليشيا، وتصنيف آخر بين محارب يَقتل ومجرم يَسرق وكُله بالقانون أو (بالغانون)!!

السودان ما بعد الحرب لن يكون هو ذات السودان ما قبل الحرب، ومناحة قحط علی سكان الكنابي يجب أن لا تصرف أنظارنا عن تفكيك هذه العبوة الناسفة لإستقرار الجزيرة وحق مواطنها في الإستفادة من ملكهم والقاعدة تقول (صاحب المِلك أَولیٰ بملكه) والعاقل من اتعظ بغيره، فليس المطلوب من المواطن أن (يَلِفَّ العقرب فی حِزَّتو، أو أن يربط الدابي في حِزْمَتو) مرةً أخری، ولا يلدغ المٶمن من جُحرٍ مرتين.

من أوجب واجبات وزارة التنمية العمرانية الآن أن تضع الحل لمشكلة وجود الكنابي أوعموم العشواٸيات في صُلب إهتماماتها، إذ لا سبيل بغير ذلك لإستٸصال المشكلة من جذورها خاصةً وحرب الكرامة تكاد أن تضع أوزارها بنصرٍ صريح لجيشنا وشعبنا.

-النصر لجيشنا الباسل.

-العزة والمنعة لشعبنا المقاتل.

-الخزی والعار لأعداٸنا، وللعملاء.

محجوب فضل بدري

Exit mobile version