رأي ومقالات

عواقب العُقوبات!

*لا ريب أن التفكير الرغائبي ظَّل نهجاً أمريكيا ًمُنتِجاً لطرائق التعاطي مع السودان، مُتخذاً من العداء مبدأً، ويتدحرج مُتفهماً حال توفرت للسلطة الحاكمة إرادة وشِدة، ثم لا يمكُث أن يتصاعد مُتردِّداً ومتشككاً ومُتقدماً خُطوة كلما لانت مواقف من بيدهم الأمر وبان عجزهم! وغالباً ما تشطح مخابرات أمريكا في رسم سياسة التعامل مع هذا البلد العنيد ناهيك عن إنحياز هذه السياسة إلى فئة ليست مُتحرِّفة لقتال!

والذي يشجِّع هذه العقلية الأمريكية الإستعلائية عوامل عديدة منها الوقوع تحت تأثير شلة (تقزم) المتباينة مواقفهم بتباين كيدهم ومشاربهم الفِكرية.. مردوفةً ببراعة المبعوثين والقائمين بأعمال السفارة في نقل وجه واحد من الصورة أو تعمُّد تشويهها.. متبوعة بأوهام حلفائها من العُربان فيترتب على كل ذلك قراءة شائهة للواقع السوداني تُنتج جملة من التصورات المُعيبة والصادمة.

*تُثبت التجارب ذلك؛ فقد ظل أسلوب التعاطي الإستعلائي حاضراً حتى مع حكومة سي الذكر حمدوك التي طلبت ود الإدارة الأمريكية فتمنَّعت وهي راغبة! واستمر الفشل في السياسة الخارجية الأمريكية المعتمدة على الأرزقية من الناشطين فضلاً عن المسئولين الأمريكان ذوي النظرة الأُحادية كبعض أعضاء مجلسي النواب والشيوخ الذين تقدموا بمشروع قرار يستهدف قادة الجيش ويؤسس لتفكيك مؤسساته الدفاعية والمالية عبر ما عُرف بالإتفاق الإطاري فزُج بالبلاد في أُتون هذه الحرب اللعينة، ولما لم يستتب للمليشيا المتمردة الفت من عضد المؤسسة العسكرية حرَّكت أمريكا أطرافها الحليفة فكانت مفاوضات جدة فوقعت المليشيا في المصيدة، ولأن أمريكا تقرأ من ذات كتاب الناشطين ومسئوليها غير المسئولين وحلفائها العُربان قفزت من جدة إلى جنيف فأظهر الموقف الحكومي إرادة وشِدة ومُذاك إنتحى صراع الحق والقوة منحى التصعيد فأفرز الحالة الراهنة والمتمثلة في فرض عقوبات على رأس الدولة وقائد جيشها الأعلى.

جرت الرياح بما لا تشتهي السُفن! ولو فقهت أمريكا تعقيدات المشهد السوداني ونفسية شعبه لأعادة التفكير في خطوتها هذه ألف مرة! فبأي جديد إذن جاءت العقوبات على الرئيس البرهان؟ وما عاقبة ذلك؟! الجديد المُضاف قال عنه المُستخفون بالقرار (إنه لا يساوي الحبر الذي كُتب به) أما العواقب فمنها أن التفافة شعبية مُطَّرِدة حُظي وسوف يُحظى بها البرهان بحيث تمكنه من الإستناد عليها رافعة لا يمكن الإستهانة بها وإن استجاب لمطالبها المتمثلة في (البل) فإن قوة دفعٍ جديدة سوف تسري في دماء الجند فينعكس تعجيلاً بالنصر على متبقي المليشيا في كافة محاور القتال!

*إذ ذاك، فليس غير الشرق وجهة تُيمَّم نحوها الوجوه! فقد آن الآوان لرسم المسار الصحيح بلا مواربة ولا تردُّد على أن يتحقق شرط إدارة العلاقة بوعي استراتيجي يُنتج آليات تهزم التعالي الأمريكي وتمحق كبريائه الذي ظهر في صورة أعمال مؤذية تتحدى العقل والمنطق، وتبسط لمستقبل البلاد ما بعد الحرب ما شاء الله لها أن تُبسط وعلى الباغي الدوائر تدور!

عصام الحسين