مع كثرة خطابات الكراهية تجاه الشمال عقر دولة ٥٦ او الفلول كما يزعمون، والدعوة لابادتهم مع اطفالهم، وان عدم دخولهم للشمال يعتبر هزيمة في حد زاته، وتصويرهم لصور من الكراهية لا توجد الا في ازهانهم المريضة. من يكون مشغولا في نهب أموال الناس وترويعهم منذ صغره، والبطولة في زهنه الا مجرد حرق بيوت الآخرين ونهبهم واغتصاب بنات الاخرين اكيد لن يرى في الدنيا شي جميل، الا الحقد والكراهية وازى الآخرين، لان الجهل في حد ذاته مصيبة.
في المرحلة الثانوية في بورتسودان الحكومية والتي ذهبنا إليها من الشمال للدراسة لان كل مدارس السودان كانت مدارسنا كسودانيين. في داخلية اركويت بالمدرسة تعرض صديقي (الصادق جاد الله) من ابناء بابنوسة لمرض الملاريا في بداية قدومه للمدرسة وكان يرتجف من الحمى وجلسنا حول سريره ونحن لا نعلم قبيلته ولا منطقته، منهم من يأتي بحبوب كانت في دولابه ومن يأتى بعصير ليمون والقنقليس، كل يحاول ان يقدم ما يستطيع لمساعدته، ووجد حوله خالد من مقرات ووليد من الحفير دنقلا وادروب من سنكات ومحمد عثمان من حلايب و وحماد من نيالا وحسون من كادوقلي وحبيب الله من ام القرى مدني، وغيرهم، كل يجتهد ليقوم بالسلامة ولم ينساه احد عندما يحين موعد الوجبة في المطبخ، وياتون اليه بوجبته مع كوب كبير من لبن (فور دوقس) الذي كان سيد المائدة في مدرسة بورتسودان الحكومية انذاك، حتى تعافى تماما، وكان الصادق جادالله يحكي لنا هذا الموقف ويعيده بكل حب حتى تخرجنا من المدرسة، وكيف جاء من أسرته ليجد اسرة اكبر كل يحب الاخر ويقدره وكأنه شقيقه، وهذا هو السودان. لا أدري الان اين ذهب خيار الصادق الرزيقي في هذا الحرب اللعين، لكني على يقين انه الان مع من يدافعون عن بابنوسة ويدافعون عن قومية السودان والذي بدأ ملامح انتصاره في الافق، ونعتقد جازمين ان الجهل مصيبة وكلما تعلمت مع الاخرين وتعاملت مع كل ابناء وطنك كانهم اخوان فبالتأكيد لن تصدق خطابات الكراهية ولن تصدق ان ابن الشمال والشرق والوسط والغرب والجنوب هم من أكلوا حقوقك وهم من همشوك، وستجد ان السودان كله مهمش بسبب جهلنا وخلافاتنا السياسية، وهذا هو السبب الذي جعل السودان من اغنى دولة في العالم مواردا الى افقرهم الان.
د. عنتر حسن