■ قضينا ليلة أمس داخل منطقة جزيرة الفيل .. حي حجر .. وصلنا إلي هناك في أمسية تداخلت فيها الأتراح بالأفراح .. مررنا بشارع الجمهورية وحي الزمالك .. لا حياة هنا .. ولا ناس .. علي ضؤ العربة الخافت تراءي لنا كلب بائن هزاله .. قال لي مرافقي إن الكلاب عادت إلي المدينة بعد خروج المليشيات !!
■ أمام ساحة المنزل الذي أكرمنا أهله وجدنا مواطنين مذهولين .. تنادوا لشبكة الإستارلنك المجانية والتي جاد بها أحد أبناء الحي الأفاضل وهو أحد أبطال معركة تحرير مدني ..
■ صلاح كادر طبي بخبرة 35 عاماً بدا مذهولاً وهو يشاهد أهل الحي يتبادلون الحديث ويهاتفون أهلهم خارج مدني .. صلاح قال لي إنها المرة الأولي التي يسمع فيها صوت والدته منذ عام كامل ..وهي المرة الأولي التي يخرج فيها بصحبة ابنته عقب صلاة المغرب .. هنا الخروج والتجول بعد مغيب الشمس يكلفك حياتك أو أن تبقي مأسوراً في معتقلات المليشيا ..
■ بتنا ليلة أمس في منزل أسرة كريمة لم تغادر مدني .. بدا لي ذلك من الزهور النضرة في الأصايص وملابس الأطفال علي حبل ٩٠الغسيل وشاشة داخل الصالون الأنيق ..
■ كانت ليلة هادئة .. لم نسمع أصوات رصاص وهو ما كان يتوقعه رفيقي ..
■ شقّ نداء الآذان الأول صمت المدينة الساكن .. بسوق الخضار بحي الإسماعيلي قابلنا العم عوض .. خضرجي منذ ربع قرن .. علي كباية قهوة وشاي بدا سعيداً وهو يحمد الله أنه سمع الآذان بعد عام كامل ظلت خلاله 95% من مساجد مدني ممنوعة بأمر الجنجا من رفع الآذان وترحم علي الشيخ إدريس المؤذن التاريخي لمسجد أركويت الكبير .. حدثنا بحزن كيف أن المصلين بمدني ظلوا ولعام كامل يصلون أربع صلوات جماعة لأنهم مجبورون علي صلاة المغرب والعشا جمعاً .. الحركة والتجوال ممنوع بالرصاص عقب مغيب الشمس ..
■ حدثنا عم عوض عن مغامراتهم ومعاناتهم في رحلة جلب الخضار من خارج مدني إلي قلب المدينة .. طفرت منه دمعة وهويسرد مآسي الذل والإهانة التي كانوا يواجهونها يومياً مع عصابات التمرد ..
■ عندما يعود أهل مدني إلي ديارهم سيجدون قصصاً مرعبة .. ووقائع فوق الخيال توثق لحالة شياطين بوجوه بشر أو كمال قال عم عوض وهو يصف بحنق تفاصيل أيامهم القاسية مع عصابات الجريمة العابرة للقارات ..
عبد الماجد عبد الحميد