الغرف الإعلامية الجنجويدية

من أحاجي الحرب():
○ كتب: د. M Jalal Hashim
*الغرف الإعلامية الجنجويدية*
*محمد جلال أحمد هاشم*
17 يناير 2025م
تحدثنا من قبل عن الغرف الإعلامية التي تدير العملية الدعائية في هذه الحرب لصالح مليشيات الجنجويد. ولكنهم، عبر نفس هذه الغرف، أنكروا هذا، يساعدهم في نكرانهم استشراء جائحة الغباء التي أصبحت بمثابة ظاهرة.
★★★
ثم ها هم يكشفون أنفسهم ويفضحون أنفسهم! توجيهات خالد سلك هنا هي نفسها تخضع لتوجيهات عليا من خبراء نشر الأكاذيب، بجانب التركيز في خبر بعينه وتجاهل خبر آخر. هؤلاء الخبراء يديرون غرفهم من دويلة الإمارات.
★★★
أولى تكتيكات الغرف الإعلامية هي عملية ال labeling، وهي تحويل الخصم إلى مجرد كلمة واحدة بها يتم اختزال قطاعات عريضة في هذه الكلمة. خذوا مثالا جملة “بل بس”. فهي يستخدمها جنود القوات المسلحة ويستخدمها مقاتلو مليشيات الجنجويد ويستخدمها من بعدهم المدنيون الموالون لهذا أو ذاك وحتى هذه اللحظة. ولكن من بدايات حرب الوكالة ضد السودان وضد الشعب السوداني، لجأ خبراء الغرف الإعلامية لدويلة الإمارات إلى تخويل هذه الجملة إلى label يدمغون بها السودانيون الذين يقفون ضد انتهاكات وتنكيل مليشيات بهم هم المواطنون المدنيون العزل. ثم برعوا أكثر وابتعدوا منها اشتقاقات من قبيل “البلابسة” .. إلخ.
★★★
الغرض من تشكيل مثل هذه الغرف الإعلامية هو اختلاق رأي عام زائف يخدم غرض الجهات التي ليست حقيقة الأوضاع في صالحها. وتعمل عبر ترديد كلمات مفتاحية Key Words، وكذلك جمل مفتاحية Key Sentences، عبر تكرارها يتم اختلاق انطباع عام بأن هناك رأيا عاما مفاده كذا وكذا .. إلخ. انظروا كيف أصبح منسوبو قحت مؤخراً يرددون بطريقة أشبه بخراف حديقة الحيوان لجملة “تقسيم السودان”، والآن (كما توضح توجيهات خالد سلك ومن لفّ لفّه) يردون بطريقة ببغاوية جملة “انتهاكات الكنابي” (التي هي فعلا انتهاكات مروعة، لكنها بأي حال من الأحوال ليست في مستوى وحجم انتهاكات مليشيات الجنجويد في قرية ود النورة وحدها، دع عنك إقليم الجزيرة كله، بجانب إدانة مؤسسات الدولة من مجلس سيادة وقوات مسلحة لها والوعد بالتحقيق فيها وإعمال العدالة).
★★★
كنا قد كتبنا من قبل حول هذه الغرف الإعلامية التي لا يحتاج رصدها إلى ذكاء خارق. فبمجرد أن تجد أن هناك كلمات وجمل مفتاحية يرددها قطاع من كتبة السوشيال ميديا، عندها يمكن أن تعرف بان ما يستكتبونه هو شغل غرف إعلامية. وطبعا مصيبتنا كبيرة في السودان هذه الايام، ذلك بسبب اتحاد ظاهرة الغباء مع شغل الغرف الإعلامية. فالأغبياء (الذين هم قطاع اجتماعي كبيييير) هم أول من يقع فريسة لشغل الغرف الإعلامية، فإذا بهم ينطلقون (ولو كانوا عُراةً مثل أرخميدس) وهم يهتفون: اكتشفناها .. اكتشفتها! وليس كالأغلياء من يمكن أن يدمر دولةً وشعباً، ولله درُّك يا چورچ أورويل عندما لم تجد لهم مثيلا بخلاف الخراف.
★★★
ويذكر القراء أنني قبل شهور عدة أشرت إلى حدث بعينه يتعلق بحملة منظمة من هذه الغرف الإعلامية موجهة ضد الفريق ياسر العطا كرد فعل لكلام قاله. جاء تعليقي على تلك الحملة الهوجاء على أنها شغل غرف إعلامية، ذلك تأسيسا على ملاحظاتي بخصوص تناسق الكلمات والجمل المفتاحية في تلك الحملة. وقتها، وإلى الآن، لم أكن أعرف ماهية تصريحات الفريق ياسر العطا. فماذا كانت ردود الأفعال لوصفي بتلك الحملة بأنها شغل غرف إعلامية؟ صدقوا أو لا تصدقوا! قامت الغرف الإعلامية بالانحراف بالموضوع من وصفي له بأنه شغل غرف إعلامية، إلى نص وفحوى ما قاله ياسر العطا (وهذا انحراف بالموضوع وهو خارج نطاق حكمي). فماذا كانت النتيجة؟ لقد تداعت خراف مزرعة الحيوان من كل فجٍّ عميق وهم لا يتساءلون فقط، بل ويتعجبون كل العجب حول كيف يمكن أن أصف الهجوم على الفريق ياسر العطا بأنه شغل غرف إعلامية دون أن أكون قد ألممت بما قاله ياسر العطا – تصدقوا!
★★★
في ختام هذه المقالة أقول بأن نجاح شغل الغرف الإعلامية المنطلقة من دويلة الإمارات ويديرها خبراء إعلام الحروب مع عدد وافر من شغيلة خلية النحل من الكمبرادورات السودانيين بائعي أوطانهم ( ومن يبيعون أوطانهم كانوا كمن يبيعون أمهاتهم في سوق النهاية والبغضاء ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم) يعتمد اعتمادا فوق مستوى كبير، بل اعتمادا كاملا على جائحة الغباء الأيديولوجي التي أصبحت ظاهرة اجتماعية. اليوم، الشعب السوداني العظيم، ومعه جميييييع مؤسسات الدولة، يحارب قوى الإمبريالة الغربية ووكلائها الإقليميين وكمبرادوراتها بالداخل والخارج، ثم إنه على الأرض يحارب مليشيات الجنجويد المجرمة. لكن مع كل هذا وفوق كل هذا، الشعب السوداني يحارب جيشاً من نوع غريب وله سلاح أغرب، ذلكم هم جيش الاغبياء العرمرم الذي تملأ رياحُه العاديات أشرعة السوشيال ميديا بمختلف أنواعها.
★★★
فعلا نحن في آخر مراحل الأيديولوجيا الإسلاموعروبية، ألا وهي مرحلة انهيار الأيديولوجيا the Moment of the Crash of Ideology وهي أخطر مراحل الأيديولوجيا لأنها تعمل بطريقة نيرون عندما أخرق روما لعميق شعوره بأنه قد خسر المعركة. إنها طريقة “عليّ وعلى اعدائي”، وهي ذات المنهج الذي اتبعته ولا تزال تتبعه الآن مليشيات الجنجويد المجرمة، ذلك عندما شعرت بأنها قد فشلت في انقلابها وبالتالي فشلت في استلام السلطة.

*MJH*
17 يناير 2025م

Exit mobile version