الجنجويد ليسوا حركة نضالية بدأت من الصفر بمجهود ذاتي، لقد كانوا أبناء السلطة والغنيمة

العقيدة التي حارب بها الجنجويد خلال الفترة الماضية من الحرب تفقد صلاحيتها.
فقد بدءوا الحرب من موقع قوة، من قلب النظام، ومن قلب العاصمة.

العقيدة التي تشكلت منذ هذه اللحظة هي عقيدة قوة وتفوق وسيطرة؛ سعى الجنجويد لتحطيم الجيش، ثم سعوا للسيطرة على كل السودان أو على أكبر أجزاء منه. عقيدتهم كانت عقيدة هجومية توسعية، عقيدة سيطرة وهيمنة وإمتلاك. النهب والسلب والاغتصاب وطرد الناس وتشريدهم وإذلال وإخضاع من يبقى تحت سلطتهم، كل هذه تفسرها هذه العقيدة وهي تعبير عنها.

ولذلك، مع بداية التراجع وفقدان ميزة الهجوم والسيطرة، وفقدان الأرض وتحولهم إلى موقع المدافع المطارد، تنهار هذه العقيدة بشكل كامل وتنهار معها دوافع القتال.

الجنجويد ليسوا حركة نضالية بدأت من الصفر بمجهود ذاتي، لقد كانوا أبناء السلطة والغنيمة، والحرب بالنسبة لهم هي ليست نضال من أجل قضية سياسية يقاتلون لأجلها بنفس طويل وصبر، الحرب هي السلطة والسيطرة والغنيمة. وتفقد الحرب معناها للجنجويدي بغياب هذه الأشياء.

ولذلك، لا أتوقع أن يستمروا في القتال بعد فقدان الأمل في السيطرة على السلطة وبعد الخروج من المدن حيث النهب والغنيمة. فهم ظلوا لوقت طويل يتجنبون مواقع الجيش الحصينة ويهاجمون المناطق الرخوة، حيث توجد ثغرات تمنحهم انتصارا سهلا. تركوا المدرعات والمهندسين والقيادة وذهبوا ليهاجموا الجزيرة وسنار لماذا؟ لأن هناك غنائم سلهة؛ سيطرة على الأرض بما فيها.

مع فقدان السيطرة وفقدان الأرض والتحول إلى موقع الدفاع عن النفس في مواجهة الجيش، تبطل العقيدة القتالية للجنجويد وينتهي دافعهم للقتال.

حربهم الوجودية في دارفور خاضوها في وسط السودان وهم يحاولون السيطرة على الدولة، ولذلك فإن تلك الحرب أيضا تنتهي بهزيمتهم في وسط السودان، في سنار والجزيرة والخرطوم.
لا معنى لقتال دولة 56 في رمال وقيزان دارفور. الحرب هناك ليست مغرية، ليست حربا للسيطرة والغنيمة، هي حرب مكشوفة لسلاح الطيران والبراميل المتفجرة، لا أحد سيريد أن يحارب البراميل المتفجرة في الصحراء بلا أي جدوى.

حليم عباس

Exit mobile version