هذا هو معنى جملة “الجيش يعمل على كسب الحرب كلها وليس بضعة معارك”
عندما يبدأ انهيار المليشيا فإنه لن يتوقف؛ سيتواصل بوتيرة متسارعة. هذا هو معنى جملة “الجيش يعمل على كسب الحرب كلها وليس بضعة معارك.”
أي خسارة للمليشيا هذه الأيام سيكون لها تأثير مضاعف؛ لن تكون خسارة لمعركة واحدة وحسب، معركة معزولة، بل ستكون هزيمة في رقعة حرب متصلة كل جزء فيها يتأثر ببقية الأجزاء؛ الإنهيار في نقطة يعني انهيارا في عدة نقاط أخرى، وهكذا.
عندما أقارن مجريات المعركة الآن مع التحركات الهجومية الفاشلة التي كان يقوم بها الجيش في بداية الحرب، مثل محاولة التقدم إلى جنوب الخرطوم، متحركات بحري التي تم ضربها، متحركات كانت قادمة باتجاه أم درمان من الغرب أيضا تم ضربها وتشتيتها، وحتى محاولات التقدم من الخياري (مثل التحرك الذي حدث في نهاية شهر رمضان الماضي). كلها كانت تبدو وكأنها غير جادة من الأساس، اللهم إلا إذا كان الجيش ما يزال يجهل قدرات المليشيا حتى ذلك الوقت.
لا يمكن أن تكون محاولة التقدم في محور الخياري في 28 رمضان الماضي محاولة جادة لتحرير مدني بالمقارنة مع التقدم الحالي من خمسة محاور على الأقل وبشكل متزامن.
عدم جدوى تحرك محور واحد للهجوم على المليشيا تبدو الآن من الأبجديات.
(لقد نجح الجيش في بعض المحاولات غير الهجومية في بداية الحرب مثل متحرك الشهيد أيوب الذي تمكن من الدخول إلى معسكر المدرعات.)
فهل احتاج خريجو الكلية الحربية السودانية التعلم بالتجربة والخطأ؟
ربما يكون الجيش قد أخطأ في تقدير قوة المليشيا في بداية الحرب. ولكن المؤكد أن المليشيا قد أخطأت في تقدير قوة الجيش بشكل مضاعف، ولكن خطأها الأكبر هو عدم وضع حساب للشعب السوداني، العامل الحاسم في ترجيح كفة الجيش.
كان الأفضل للدعم السريع أن يقبل بخسارة المعركة في الخرطوم في الأيام الأولى رغم وضعه العسكري الجيد ويقبل بشروط الجيش لإيقاف إطلاق النار من أن تستمر الحرب وتتحول إلى مواجهة مع الشعب كله.
قرار مواصلة الحرب مع توسيع دائرتها خارج الخرطوم والإستعانة بفزع قبلي غير مدرب وبمرتزقة أجانب قد أكسب الدعم السريع بعض الإنتصارات ولكنه جعله يخسر الحرب. فهذه القوات حولت الحرب إلى فوضى ودمرت الدعم السريع في اللحظة التي كانت تدمر فيها البلد وترتكب الجرائم بحق المواطنين. لقد كانت تلك اللحظة هي نهاية الدعم السريع رغم أنه ظاهريا كان يتقدم ويحقق بعض الانتصارات.
إنتصارات راهن عليها حلفاء وداعمي المليشيا بكل غباء لإخضاع الجيش والشعب عبر التخويف من الحرب وفظائعها التي لم تكن سوى أفعال المليشيا نفسها. راهنوا على إذلال وقهر الشعب وإخضاعه وجعله يستلسم، فكانت النيجة عكسية. فقد هب الشعب وساند الجيش ورجح ميزان المعركة بشكل حاسم.
حليم عباس