قبل أن ينتقل ماسمي بالربيع العربي إلى ضاحية مانهاتن بنيويورك ويلج بعواصفه السياسية قاعة مجلس الأمن الدائرية بمبنى الأمم المتحدة الزجاجي، كانت الأماسي والدعوات الاجتماعية التي ننظمها كسفراء عرب للمسامرة بعيداً عن ضغوط العمل حافلة بحكايات الأدب والثقافة التي كان يبتدرها سفير ليبيا عبد الرحمن شلقم المفتون بقصائد المتنبي ومعلقة طرفة بن العبد و قصيدته “ستبدي لك الأيام ماكنت جاهلاً .. ويأتيك بالأخبار من لم تزود”، قبل أن يتداخل صديقنا مندوب سوريا بشار الجعفرى سليل معرة النعمان ليردد بيتاً قريبا إلى نفسه أن “غير مُجدٍ في ملتي و اعتقادي .. نوح
باكٍ ولاترنم شاد” .. جالت بخاطري ذكرى تلك الأماسي والسفير بشار الجعفرى يعود للواجهة مجدداً فى أعقاب زلزال سوريا السياسي وسقوط النظام الذى لطالما وقف بشار مدافعاً عنه فأتته العاصفة السورية في موسكو ليرفع علمها الجديد على سارية السفارة السورية، هناك حيث كان سفيراً لدمشق بها، بعد أن شغل موقع نائب وزير الخارجية، ولينعي نظاماً قال إنه قد فشل في الدفاع عن نفسه ليثير مجدداً تباين الآراء بشأن موقفه بين قادح ومادح ..
ولا أدري إن كانت فلسفة المعري حاضرة أمامه وأن مايحدث في عالم السياسة نوح باك أو ترنم شادٍ شبيه فيه صوت النعي إذا قيس بصوت البشير فى كل ناد ..
أما صديقنا شلقم فقد أتته العاصفة مبكراً من قبل بعد أن أبدت له الأيام ماكان جاهلاً، على قول طرفة بن العبد في الخامس والعشرين من فبراير 2011 بمجلس الأمن عندما أسرف فى البكاء وذرف الدموع والتي سارع بان كي مون، الأمين العام، وسوزان رايس سفيرة الولايات المتحدة لكفكفتها عنه وهو يطالب مجلس الأمن بالتدخل في ليبيا ضد نظام القذافي على النحو الذي فعله المجلس وفق قراريه 1970 و 1973، ولايزال الناس يتباينون في تفسير بكاء ودموع شلقم وهو ينعي زعيمه السابق قذافي الذى أنبأنا شلقم في إحدى أمسيات نيويورك أنه كان مفتوناً بترديد قصيدة عمرو بن كلثوم “.. إذا بلغ الفطام لنا صبياً تخر له الجبابر ساجدينا …. ملأنا البر حتى ضاق عنا وظهر البحر نملأه سفينا…. ألا لا يجهلن أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينا”…
العواصف الدبلوماسية لا تقل ضراوة عن الأعاصير المدارية الحادة… فهل غنت تلكم الحمامة أم بكت على فرع غصنها المياد …..
السفير عبد المحمود عبد الحليم