لغة الضاد.. انتشار عالمي ومحدودية على الإنترنت

“يبلغ عدد الناطقين بها نحو 450 مليون شخص، كما يستخدمها حوالي ملياري مسلم لأداء صلاتهم وشعائرهم” وباعتبارها أحدى أقدم وأهم اللغات في العالم، خصصت الأمم المتحدة 18 ديسمبر من كل عام للاحتفاء باللغة العربية وتاريخها العريق، وهو اليوم الذي اُعتمدت فيه العربية لغة رسمية للأمم المتحدة بموجب قرار تبنته الجمعية العامة عام 1973.

وبمناسبة هذا اليوم، ذكرت الأمم المتحدة على موقعها أنه “رغم انتشار اللغة العربية، وتمتعها بصفة لغة رسمية في حوالي 25 دولة، فمع ذلك، لا يتجاوز المحتوى المتاح على شبكة الإنترنت باللغة العربية نسبة 3%، ما يحدّ من إمكانية انتفاع ملايين الأشخاص به”.

وأوضحت الأمم المتحدة أن “متحدثي العربية يتوزعون بين المنطقة العربية والعديد المناطق الأخرى المجاورة، مثل تركيا وتشاد ومالي السنغال وإرتيريا”.

وأشارت إلى أن “للعربية أهمية قصوى لدى المسلمين، فهي لغة مقدسة (لغة القرآن)، ولا تتم الصلاة (وعبادات أخرى) في الإسلام إلا بإتقان بعض من كلماتها. كما أن العربية هي كذلك لغة شعائرية رئيسية لدى عدد من الكنائس المسيحية في المنطقة العربية حيث كتب بها كثير من أهم الأعمال الدينية والفكرية اليهودية في العصور الوسطى”.

ولذلك، ذكرت الأمم المتحدة أنها الهدف من تخصيص هذا اليوم هو إذكاء الوعي بتاريخ اللغة العربية وثقافاتها وتطورها على مدار القرون الماضية.

ولذلك تجمع فعالية تُقيمها يونسكو بهذه المناسبة صفوة العلماء والخبراء في مجال الذكاء الاصطناعي ورواد الثقافة بغرض استكشاف سُبل سد هذه الفجوة الرقمية عن طريق الذكاء الاصطناعي، وتعزيز حضور اللغة العربية على شبكة الإنترنت، ودعم الابتكار وتشجيع الحفاظ على التراث.
تطور عبر القرون

ويرجع اهتمام اليونسكو بالعربية إلى تاريخها العريق وتطورها على مدار قرون عديدة، موضحة أنها انتشرت في المناطق الغربية من طرق الحرير، حيث ساعد التجار والعلماء العرب الذين سافروا على طول طرق الحرير في تعزيز انتشار لغتهم إلى مناطق مختلفة.

وذكرت أن اللغة العربية، التي ظهرت لأول مرة في شمال غرب شبه الجزيرة العربية، هي عضو في عائلة اللغات السامية التي تضم أيضًا العبرية والآرامية. وفي حين أن المظاهر المبكرة والأولية للغة العربية ترجع إلى القرن الثامن قبل الميلاد، فقد تم تعريف اللغة وصقلها على مدى فترة طويلة من الزمن. وحدث قدر كبير من هذا التطور بين القرنين الثالث والسادس الميلاديين، مع إضافات أخرى إلى النص في القرن السابع الميلادي عندما تمت إضافة علامات مساعدة إلى الحروف لتجنب الغموض حول كيفية قراءة النص.

وشهد القرن العاشر على وجه الخصوص اهتمامًا شديدًا بين اللغويين العرب، وخلال هذا الوقت تم تجميع ما لا يقل عن ستة قواميس عربية إلى جانب أعمال أكثر تخصصًا تهدف إلى تقديم أنواع معينة من المفردات مثل المرادفات والمتجانسات، بحسب اليونسكو.

ووفقا لليونسكو، كان البدو والتجار في وسط وشمال شبه الجزيرة العربية يتحدثون لهجات مختلفة. ومن المفترض عمومًا أن أصول اللهجات الحديثة توجد في هذه اللغات القديمة في وسط وشمال شبه الجزيرة العربية. وساهم هجرة هذه المجموعات في انتشار اللهجات العربية المختلفة إلى جنوب شبه الجزيرة وكذلك إلى مناطق بلاد ما بين النهرين.

وعلى هذا النحو، انتشرت لغة الضاد، جنبًا إلى جنب مع الإسلام، إلى أقصى أركان الأرض. وأخذ البدو لغتهم معهم غربًا إلى شمال إفريقيا، وشمالًا إلى حواف جبال طوروس. وفي شمال إفريقيا، أدى اختلاط القبائل المختلفة جنبًا إلى جنب مع اللغات المحلية المختلفة في هذه المناطق المتنوعة إلى ظهور أشكال اللهجات المحلية تدريجيًا. وبالتواصل مع أشكال الكلام الأساسية الموجودة في هذه المناطق المتنوعة، تطورت اللهجات العربية إلى اللهجات العامية المختلفة اليوم، والتي تأثرت ليس فقط باللهجات المحلية القديمة لكن أيضًا، في العصور الحديثة، باللغات الأوروبية مثل الفرنسية والإنجليزية والإيطالية والإسبانية، بحسب الموقع.

وعلاوة على ذلك، أوضح الموقع أنه في تطورها المبكر، تركت الاتصالات مع لغات المجتمعات ذات الحياة الثقافية المزدهرة، مثل الفارسية أو اليونانية، آثارًا في اللغة العربية. وعلى سبيل المثال، استعارت اللغة العربية بشكل ملحوظ مصطلحات من الفارسية تتعلق بالحرف والفنون الجميلة والإدارة. وفي الوقت نفسه، استعارت بعض الترجمات من اليونانية إلى العربية كلمات يونانية ببساطة. وبالمثل، خضعت بنية الجملة لتأثيرات مماثلة من الثقافات المختلفة التي اتصلت بها اللغة العربية بمرور الوقت.

كما لعبت اللغة العربية دورًا رئيسيًا في التبادلات المختلفة على طرق الحرير، خاصة فيما يتعلق بالتفاعلات بين علماء العالم الإسلامي. ومنذ القرن الثامن فصاعدًا، نظرًا لأن بغداد كانت أحد المراكز الرئيسية للعلوم وعلم الفلك، أصبحت اللغة العربية اللغة الرئيسية للدراسة في مجالات العلوم.

ولذلك، وبما أن اللغة العربية كانت في قلب التبادلات العلمية والثقافية، فإن هذه التفاعلات والتعاون المتنوعة في مجالات متنوعة أسهمت في نشرها على طول طرق الحرير، وبالتالي تعزيزها.

الحرة

Exit mobile version