لـواء ركن (م) د. يونس محمود محمد:جيش بحري

ما فعله الجيش السوداني ومن معه في ركب الجهاد غير مسبوق في المدى المنظور لتوايخ الصراعات في أقاليم الدول التي ابتليت بالتمردات المسلحة، التي إستعانت بكل ذي رغبة في التدخل من أجل تحقيق غايته، بالسيطرة على الموارد، أو إستحواذ أرض، أو تصفية حسابات، أو الحكم بواسطة وكلاء عنه من أبناء الوطن العملاء، أو غيرها من الأسباب الظاهرة والمستترة، الأمر الذي وفّر لتمرد المجرم حميدتي موارد أكبر مما يتخيلها متخصص في الإمداد والتشوين من دهاقنة المهنة والإحتراف، فمجموع ما دمّره الجيش السوداني من مخازن الجنجويد من الأسلحة والذخائر والمؤن، وما وضع عليه أيديه، فضلاً عن تقدير ما إستخدمه الجنجويد من أطنان الذخائر بأنواعها، والصواريخ، والمتفجرات، والمسيرات، والمركبات، والوقود، وقطع الغيار، وشبكات الإتصالات، وأجهزة الرصد والتنصت والتشويش الحديثة، والألبسة وواقيات الرصاص، والأغذية المخصصة لظروف العمليات، لهي كلفة عالية القيمة، لا يقدر عليها إلا الأحلاف العسكرية، والميزانيات متعددة الأرقام، وأرتال نقليات من الطائرات والسفن والمدولبات ( *المركبات* ) العابرة للدول والأقاليم، وفق تنسيق أمني وسياسي وإستخباري بالتأكيد مع هذه الدول، إضافةً لما تم نهبه وتوظيفه في المجهود الحربي للجنجويد، مما تم نهبه من بلايين من البنوك، من العملات المحلية، والصعبة، والمدخرات، وجملة ما سُرق من بيوت المواطنين، من سيارات وأموال وأمتعة وأثاث، وسيارات متنوعة، لو أن كل ذلك المال والسلاح والجهد، صُبّ في إتجاه واحد هو هزيمة الجيش، وإسقاط الحكومة، وإستلام الدولة، لكان كافياً أن يحقق الهدف وبسهولة ويسر، ليس فقط السودان الذي كان يعاني فقدان المناعة الوطنية أيام سيادة أزلام ( *قحط* ) الذين أساؤوا لكل قيمة بقيت في الإنسانية، الحق ، والعدل والمسؤولية، والعقلانية والحكمة والرجولة، فهم مفلسون تماماً، لا خلاق لهم من كل ذلك.
قلنا ما توفر لتمرد الجنجويد كان كافياً أن يبدل الأحوال في كل دولة على مستوى القارة الافريقية والإقليم العربي وربما زيادة في تصنيفات أعلى من حيث القدرات العسكرية، هذه حقائق وليست مجاز يعرفها العسكريون في تقدير الموقف في فقرة ( *تعادل القوى* ) ولذلك تجد العذر لمن إتخذ القرار بالهجوم على الجيش السوداني، وتوقّع النصر عليه في غضون أربع ساعات.
غير أن الفئة التي كانت حاضرة من الجيش في ذلك اليوم، إستنهضت كل تاريخ الفروسية، ونادت كل بطولات الرجال عبر المدى الممتد من تاريخنا الإنساني، وإفتدت بجسارة أمانة الشعب وعهد الله وقسم الولاء، بأن ننتصر أو نموت. وقد كانوا ابراراً حقيقة، حتى إلتحق بهم إخوتهم الذين كانوا خارج الخدمة، خاضوا جسور النيران حتى بلّغوا لوحداتهم وإنضموا لمعركة الكرامة، منذ أبريل العام الماضي وإلى يومنا هذا، هم في حالة إشتباك مستمر، ودفاع مستميت، وهجوم جرئ جسور.
بالعودة إلى عنوان المقال ( *جيش بحري* ) هذا سِفر خاص لوحده، وإمتياز بصمود أسطوري، ومقدرة متناهية للقيادة وأثرها في الجنود، ولحُسن تدبير وتوظيف الموارد على قلتها لإرهاق وإستنزاف العدو، صاحب خطوط الإمداد المفتوحة، بينما بحري محاصرة من قبلها الأربع، والعدو يجتهد بتكرار موجات الهجوم بلا ملل ولا شفقة على نفسه، حتى ينال من بحري شلية واحدة يبرد بها غيظه، فلم يفلح وبقيت الإشارة إشارة للعلو والكبرياء، وحاول سلاح الأسلحة، ومعسكر حطاب، والكدرو، فلم ينل إلا الموت الزؤآم، والهزيمة، وبحمد الله تبدّلت الأحوال وانقلبت الموازين حيث طاشت صحاف الجنجويد الملاقيط، وإقتحمت عليهم قوات جيش بحري أوكارهم، ودكّت حصونهم، ومسحت إرتكازاتهم في السامراب، ودردوق، ونبتة، والصافية، وشمبات، والعزبة ( *هذه البؤرة* ) وكافوري بمربعاتها كلها، وشارع الهوا، حيث تطهّرت كلها من رجس الجنجويد الذين تنازلوا عن طوحهم، وتخلّوا عن أهدافهم، وتركوا أمانيهم بالإستيطان في ( *العمارات الفخمة والمنازل الجميلة* ) ووراثة ( *الفيلول والكيزان* ) كما فعل الدجال المدعو ( *عيسى سليمان* ).
وهربوا إلى شرق النيل ولا حين مهرب، فالطوفان قادم عليهم ومن كل مكان، حيث أُحكم الحصار تماماً، وأنقطع وتين الدعم والإمداد والفزع، وما بقى غير السحق لمن بقى منهم، وحتى الذين خلعوا الزي العسكري، وتزيوا بغيره، ولم تنج عباءات النساء من أن يختفي داخلها جبن الجنجويد ( *الأنوثة المؤودة* ) كما فسرها أحد المختصين،
فمن يرى أسود بحري هذه الأيام يمتلئ عزاً وفخراً بجيشه ورجاله ومجاهديه، ومن يسمع ويرى نيران الإشتباك يعلم أنها بشارت النصر، وخواتيم المعركة التي إنجلت عن نصر مستحق للجيش بعد فضل الله تعالى، ووقفة الشعب السوداني ومؤازرته ( *عدا القحاطة* ) الذين خرجت هذه الأحداث من تحت أرديتهم، وهذه الجرائم بتدبيرهم، فلهم حساب مع الشعب السوداني، قبل حسابهم مع رب العزة،
تحيات الفخر والإعزاز، والتقدير والإمتنان، لجيش بحري الذي ( *فش الغبينة في الجنجويد* )
ولجيش السودان عامة وسائر معيته من الأمن والشرطة والمستنفرين وكتائب البراء وكل داعمٍ وداعٍ للجيش.
*ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله* .

لـواء ركن (م) د. يونس محمود محمد:

Exit mobile version