انتشر في الوسائط أن مجموعة المعارضة التي يقودها حمدوك قد اجتمعت في مدينة عنتيبي بيوغندا بداية هذا الشهر ديسمبر 2024م ومما ناقشته وتداولت حوله موضوع إعلان حكومة منفى.. وكانت نفس مجموعة حمدوك هذه مضافة إليها قوى أخرى قد اجتمعت في سويسرا الشهر الماضي نوفمبر 2024م بدعوة من الخارجية السويسرية ومنظمة فرنسية لمناقشة قضايا سياسية سودانية.. فما الذي يجمع بين الاجتماعين وما مصير مقرراتهما؟
الجامع الواضح بين الاجتماعين هو مجموعة حمدوك المعارضة وهي تجميع لبقايا قوى الحرية والتغيير (قحت) بعد أن انسحبت منها قوى سياسية كالشيوعيين وبعض الحركات المسلحة وغيرهم.. وكوّنت ما أسمته تنسيقية القوى الديمقراطية.. لكن ما الذي يميّز مجموعة حمدوك نفسها؟
الذي يميّزها أنها تجمع في أحشائها كثيرا من الوزراء والمسئولين والتنفيذيين الذين تولوا مسئوليات خلال فترة رئاسة حمدوك للوزارة ( أغسطس 2019 _ يناير 2022م) وأوصلوا البلاد بإخفاقاتهم وفشلهم في إدارة الدولة وتهاونهم في مسئولياتهم إلى هذا الدرك السحيق الذي تعاني منه البلاد اليوم.. إذ أن بعضا ممن تولّى مسئولية البلاد في هذه الفترة كانوا مجموعة من الناشطين الذين يفتقرون إلى الخبرة اللازمة لإدارة دولة كالسودان في فترة كتلك الفترة العصيبة .. فكان الفشل في معظم الملفات التي تعاملوا معها ابتداء من الاقتصاد والخدمات وليس انتهاء بالأمن والعلاقات الخارجية… وهي أمور يحسها المواطن العادي ولا تحتاج لكثير بيان واستدلال.
إلا أن أسوأ ما يميّز مجموعة حمدوك هذه أن كثير من المراقبين والمتابعين للشأن السوداني يعتبرونها _ بحق _ الجناح السياسي لمليشيا الدعم السريع المتمردة والتي تورطت في جرائم بشعة بحق الوطن والمواطن السوداني خلال هذه الحرب التي تشنها على الدولة السودانية وعلى المواطنين منذ الخامس عشر من أبريل 2023م وحتى الآن.. وهناك دلائل ومؤشرات كثيرة على أن مجموعة حمدوك هذه تعتبر الجناح السياسي لمليشيا الدعم السريع المتمردة لعل أبرزها أن هذه المجموعة هي المجموعة السياسية السودانية الوحيدة التي التقت قائد المليشيا حميدتي (أو شبيهه) في أديس أبابا وعقدت معه اتفاقا سياسيا في يناير 2024م..وهذه هي الخطيئة الوطنية الكبرى التي جعلت من هذه المجموعة شريكا في جرائم المليشيا المتمردة وخارجة على الدولة والمجتمع في آن معا.
وعودة الى طرفة حكومة المنفى التي ناقشتها مجموعة حمدوك في اجتماعها الأخير.. فيبدو أن حمدوك ومجموعته يقرأون من كتاب قديم لا علاقة له بالواقع ففي الوقت الذي يلتف الشعب مع القوات المسلحة والقوات المشتركة والمساندة في معركة الكرامة لدحر المليشيا المتمردة.. فإن ما يناقشه حمدوك ومجموعته حكومة في منفى هو مما يليق بهم وسيكون غاية مطمحهم لأنهم لا يستطيعون أن يحكموا في الداخل شعبا خذلوه وتواطؤوا ضده مع مليشيا متمردة تورطت في جرائم ضد الوطن والإنسانية وقيم الشعب السوداني الأصيل… وإذا كان حمدوك من بعض الوجوه ربما يكون معذورا لأنه عاش معظم حياته بالخارج ولا علاقة له بقضايا الشعب السوداني وليس له تاريخ يُذكر في حل مشكلاته وهو أصلا بعلمانيته الصارخة غريب عن قيم ومبادئ الغالبية العظمى من الشعب السوداني… لكن ما بال بعض أعضاء مجموعته من الذين ينتمون لأحزاب عريقة تبنّت في تاريخها منهجا وطنيا وإسلاميا واضحا وتقوم كتلتهم التاريخية على هذه القيم والمفاهيم والبرامج؟
لا حقائق الواقع ولا حركة التاريخ ولا طبيعة الأشياء تقود إلى أن طرفة حكومة المنفى سيكون لها شأن أو دور.. وستضاف هذه الطرفة إلى مجموعة المفارقات التي وعيها الشعب السوداني عن حمدوك ومجموعته..وغالبا بإذن الله ستبقى هذه المجموعة في منفى حقيقي.. أو منفى مجازي بعيدا عن مشاعر وتطلعات ومستقبل الشعب السوداني.. ولله في خلقه شئون.
حسن عبد الحميد