🔴 ماهى الضربة الموجعة التي نفذها الجيش السوداني وجعلت “عبد الرحيم دقلو” يفقد أعصابه؟
التابوت العسكري الصامت.. ماهى الضربة الموجعة التي نفذها الجيش السوداني وجعلت “عبد الرحيم دقلو” يفقد أعصابه؟
المحقق – عزمي عبد الرازق
تعرضت ميليشيا الدعم السريع إلى ضربة موجعة في مكان ما، خلال الأيام الماضية، وهي على الأرجح السبب في إجراء تغييرات في خطط التمرد لمواجهة طوفان متحركات الجيش، المتحفزة للهجوم، وذلك بالضرورة وراء قيام تنسيقية تقدم – حاضنة الجنجويد – بإعادة تسويق فكرة حكومة المنفى ونزع الشرعية من المؤسسة العسكرية، ما يعني أن ثمة هزيمة قد وقعت بالفعل، وتداعت على إثرها حجارة الدومينو في مناطق سيطرة الميليشيا، ما بين الهروب والاستسلام، أو الانتظار على “حافة الهاوية”.
ربط ولايات الوسط
بنظرة خاطفة لتطورات الأوضاع الميدانية سوف تظهر لنا سلسلة من الهزائم المتلاحقة التي تعرضت لها الميليشيا، بدءاً من عبور الجسور بولاية الخرطوم في سبتمبر الماضي، واستعادة أجزاء واسعة من منطقتي المقرن وبحري، إلى جانب الحصار المضروب على قوات التمرد في مصفاة الجيلي، وقيام القوات المشتركة بقطع سلاسل الإمداد في صحراء دارفور، والصمود الأسطوري للفاشر، لدرجة أنها أصبحت محرقة للغزاة، والأهم من ذلك عبور متحرك الصياد إلى بوادي كردفان، وكسر دفاعات الميليشيا هنالك، وإصابة قائدها شيريا، فضلاً على إعلان ولاية سنار شبه خالية من التمرد، والتحفز للانقضاض على مدينة ود مدني، وربط ولايات الوسط.
و من المهم الإشارة إلى أن ميليشيا الدعم السريع تعاني أزمة حادة في القيادة الميدانية، فبعد مقتل علي يعقوب أقوى قادتهم في دارفور، وكذلك عبد الرحمن البيشي، الذي نجح من خلال معرفته بالمنطقة في احتلال سنجة والتوغل في إقليم النيل الأزرق، كذلك مقتل المتمرد عبد المنعم شيريا قائد قطاع كردفان، وإصابة وهروب القائد الميداني حسين برشم في معارك أم روابة الآخيرة، والظهور الهزيل للواء عصام فضيل، والذي يعتبر بمثابة القائد الثالث في صفوف الجنجويد، وبدا كما لو أنه يعاني من مشكلة صحية أو ربما إصابة، فضلاً على انحياز أبو عاقلة كيكل إلى صف القوات المسلحة، وانخراطه في القتال ضد التمرد، مما سبب لهم صدمة كبيرة، ظهرت في حملات الانتقام ضد المواطنين العزل في منطقة شرق الجزيرة، ما يعني أن عثمان عمليات ربما يكون عالق الآن في خط الماء، ويدير المعركة من غرفة عمليات أوهى من بيت العنكبوت، ولذلك أخفقت كل محاولاته في احتلال منطاق جديدة، وتحولت استراتيجية الدعم السريع، أو من يقف خلفها، إلى تكثيف التدوين نحو الأحياء السكنية في أم درمان واستهداف ولاية نهر النيل والشمالية بالمسيّرات، وبعض تلك المسيّرات الاستراتيجية تنطلق من مطارات تشاد، وفقاً لما كشفته وزارة الدفاع، ما يعني أن كفيل التمرد قرر القتال بنفسه، بعد الإخفاقات اللوجستية، وفشل المرتزقة الذين زج بهم على الأرض في محاولة لتغيير المعادلة العسكرية.
ذلك النزيف المستمر يعني بصورة ما أنه – على الأرجح – لم يعد للمليشيا ما يكفي من القادة الميدانيين للدفع بهم في محاور القتال المختلفة، وربما هذا ما دفع رئيس تنسيقية تقدم عبد الله حمدوك إلى تكوين آلية لدراسة مقترح حكومة المنفى، وحشد الدعم لها، بعد أن تبنته رسمياً الجبهة الثورية المسلحة داخل تقدم، وأبرز الشخصيات التي تؤيد ذلك المقترح هم “الطاهر حجر، سليمان صندل، أسامة سعيد، طه إسحق، إبراهيم الميرغني وأخرين”.
أسرار ضربة نيالا
ثمة ضربة وجهها سلاح الطيران مطلع هذا الأسبوع إلى مطار نيالا الذي تهبط فيه بعض طائرات الإمداد الإماراتية، وتقوم بالتشوين ونقل الجرحى من قادة الميليشيا إلى مستشفيات أوظبي وتشاد، وكذلك ضرب أهداف عسكرية أخرى، يبدو أنها أصابتهم في مقتل، بدليل قيام عناصر الميليشيا بتنفيذ حملة اعتقالات لمتهمين بإرسال إحداثيات في نيالا، وقد نجحت القوات الجوية في ضرب أهم منظومة للتشويش، ونسف مخازن العتاد الحربي بالقرب من المطار، وإخراج المدج من الخدمة، وتدمير آليات الصيانة حوله، وقد رشحت معلومات عن مقتل ضباط إمارتيين في تلك الضربة التي غطت سماء نيالا، وهو أيضاً ما جعل الميليشيا تُصعد من عملياتها الانتقامية، إلى جانب بيانات حاضنتها السياسية تقدم، والتي أشارت إليها القوات المسلحة في تعميم صحفي ببعض الجهات السياسية المحسوبة على مليشيا آل دقلو الإرهابية، حيث درجت على “ترويج الأكاذيب عقب كل استهداف تقوم به قواتنا لمواقع نشاط المتمردين، في الوقت الذي تلتزم فيه الصمت حيال الفظائع والإنتهاكات المتعمدة والمروعة التي ترتكبها المليشيا بحق مواطنينا والأعيان المدنية بجميع أنحاء البلاد”، وأكدت القيادة العامة استمرارها في ممارسة حقها المشروع في الدفاع عن البلاد والتعامل بالأسلوب المناسب مع أي موقع أو مرفق تستخدمه المليشيا وأعوانها للأغراض الحربية ضد الدولة السودانية وهي قادرة بإذن الله على ذلك.
وكشفت صفحة (القدرات المسلحة السودانية) على تطبيق الفيسبوك، والتي تُقدم تحليلات عسكرية لسير المعارك بين الجيش السوداني وقوات التمرد، عن تفاصيل مثيرة حول الضربات التي نفذها سلاح الجو في مدينة نيالا، وقالت إن ما حدث في نيالا أشبه بـ” استوقادا” وهي الطعنة الآخيرة التي يسددها (الماتادور) في مصارعة الثيران الاسبانية، حيث كانت تلك الضربة مؤلمة، وتسببت في إثارة قلق عبد الرحيم دقلو، الذي بدأ يفقد أعصابه، وربما يخسر حتى الدعم الخارجي، نظراً لفشل وعوده بالسيطرة على مدينة الفاشر، وأضافت بأن الجيش أصبح مؤخراً يستخدم أسلحة عالية الدقة، ظهرت في بحري والجزيرة وكذلك في مدينة نيالا.
التطويق العكسي
فيما كتب العميد (م) إبراهيم عقيل مادبو تحت عنوان “الجيش السوداني يقدم تكتيكات ودروس ونماذج فريدة في حرب الكرامة”، وقال إن الميليشيا عندما حاولت وبإيعاز من عقل خارجي يمتلك غرفة عمليات مجهزة أن تتقدم وتفرض حالة حصار عسكري علي مدينه سنار بقصد قطع الامداد عنها وتجويع السكان حتي سقوطها فإن القوات المسلحه السودانية وبخبراتها المتراكمة نفذت تكتيكاً حربياً مضاداً غاية في الدقة يعرف في العلوم العسكرية بـ “التطويق العكسي”، فقامت أولاً بقطع عرضي في قلب مناطق العدو، بالسيطرة علي منطقة جبل موية وفتح الطريق القومي (سنار – ربك) ما أدى إلى فصل قوات التمرد الموجودة في مدن (سنجة، السوكي، الدندر) عن قواتهم الموجودة في الجزيرة والخرطوم، وتسبب ذلك في خنق الشريان اللوجستي وقطع في الإمداد البشري والمادي (وقود – ذخائر – وسائل حركة..) ومن ثم القيام بهدف عكسي.
ووصف مادبو ما يقوم به الجيش حول ولاية الجزيرة الآن بـ(دق الأوتاد العسكرية) حول الهدف، وذلك لفرض ما أسماه بـ” التابوت العسكري الصامت” وهو تكتيك عسكري تنفذه الجيوش المحترفة وفقاً لحسابات عسكرية وعلمية دقيقة بحساب الوقت والأرض والعتاد، وذلك لأغراض سحب العدو من وإلى مناطق تعبوية يتم تحضيرها لتكون مهيأة لتدمير العدو، وتُعرف بـ”أرض القتل” بحيث تتعرض لصدمات تصل بها إلى مرحلة التفكيك.
وأردف مادبو أن الميليشيا الآن تعاني حالة تُعرف بـ(ضباب الحرب)، ما يعني أنها معنوياً غير قادرة على خوض الحرب مع الإحساس واليقين بضعف قدرة الفرد لديها وإرتفاع قدرة الجيش ونواياه أثناء الاشتباكات أو خلالَ أي عملية عسكرية.
الهروب إلى الخطة “ج”
بينما أرجع أنور شيبة وهو محارب سابق، الهزائم المتتالية التي تتعرض إليها الميليشيا إلى نضوب مورد المال و الرجال.
وقال إن التمرد سوف يتوجه إلى الخطه ج، وهى حرب المسيّرات، والمدفعية بعيدة المدى، أو الحرب الجبانة، حد وصفه، مؤكداً في تدوينة على صفحته بالفيسبوك أن هذه الخطة سوف تقلص الاهتمام بالمشاة لعزوفهم عن الفزع، وازدياد أعداد الهالكين، فضلاً على الآلاف من الجرحى ومبتوري الأطراف، وقد شعرت حواضن الميليشيا بأن الهزيمة واقعة لا محالة، وذلك بعد تأكدها من مقتل كبار القادة واختفاء آل دقلو من المشهد، فأحجمت عن القيام بارسال المزيد من المقاتلين.
وأضاف شيبة ” مع قرب اسدال الستار على مشهد الحرب العبثية، إلا أن الإمارات تصر علي المواصلة في الحرب والهروب للأمام خوفاً من الملاحقة الدولية وضغوط الأسرة علي الصبي الطائش، يقصد محمد ديبي، والبحث عن دور في التسوية القادمة ولكن هيهات”، مؤكداً أن هذا النوع من الحرب سوف يُحدث خسائر وسط المدنيين والعزل، وبالمقابل سوف يرتفع صوتهم بالمطالبة بالمزيد من الحسم.
الفصيل الآخير
عموماً فمن خلال العمليات التحضيرية والهجوم المتزامن وحصيلة قتلى طلعات الطيران، مخلفاً مئات القتلى وسط قوات التمرد، إلى جانب عبور الجيش لمعظم الجسور المهمة في الخرطوم، والسيطرة على نقاط حاكمة، وقطع الطريق الوحيد الرابط بين أم درمان والخرطوم أمام العدو، وهو كبري جبل أولياء، وتحييد القصر الجمهوري بكل رمزيته السياسية، وبالتالي يمكنك تخيل المشهد، قوات مشتتة، معزولة عن بعضها على مستوى المدن والولايات، أهم قادتها تحت التراب أو في المستشفيات، أو هربوا بعيداً، وقناصة في مباني تحت مرمى النيران، سوف يقتلهم الجوع والمرض، دعك مما تقوم به المدفعية الاستراتيجية، وسلاح المدرعات، وبداية العد التنازلي للالتحام الكبير، فإننا – على ما يبدو – أمام الفصل الأخير من معركة كسر العظم، والذي سوف تتضح حقيقته في الأيام المقبلة.