أجيال تعقب أجيالأ، ولكل جيل مفاهيمه ومعتقداته وقوانينه وطريقة حياته، ولا يخفى على أحد صراع اﻷجيال والفجوات بينها، لكن لم تتسع الهوة بين أجيال يوما كما تتسع في أيامنا هذه، فقد تشعر لوهلة أنها حياة أخرى، في عالم آخر، لا أجد له اسماً، هل هو عالم من الخيال أم عالم من الجنون!
ففي هذا العالم لكل شيء حسابات أخرى وأفكار أخرى ومصطلحات أخرى، نعم حتى كلماتهم اختلفت ومدلولاتها تغيرت.حقيقة تؤلمني تلك الحال التي وصلنا لها وأشفق على اﻵباء واﻷبناء الذين يقعون تباعا في تلك الفجوة مما يزيد المسافة ويصعب التفاهم بينهم، فما بين عين العيب لدى الآباء وعين العادي لدى اﻷبناء، تنهار العلاقات وتكسر روابط الثقة بين الجيلين، فدوما ما نسمع عن رفض الآباء لتصرفات أبنائهم فهي من وجهة نظرهم مرفوضة حيث أنها تتحدى العادات وتنهر التقاليد مما يوقعهم في فخ العيب.
بينما ينصدم الأبناء ويستغربون تصرفات آبائهم ويرفضون منطقهم، فمن وجهة نظرهم، آراؤهم قديمة مغطاة بالغبار الذي يصيب عقولهم بالسعال، ويلفظها زمانهم ولا تستسيغ طعمها أيامهم، مهما تحاول أن تلوكها، فتصرفاتهم خاضعة بكل هدوء لمنطق أيامهم ومتصالحة بكل سلام مع زمانهم فهي تسرح وتمرح في إطار العادي.
وما بين العينين ضللنا النجدين، مع أن الله – سبحانه وتعالى – اختصر لنا كل تلك المناوشات وسد لنا كل الفجوات ويسر لنا سبل السلام النفسي والاجتماعي فقد قال – سبحانه وتعالى – «وهديناه النجدين» أي بينا طريق الخطأ وطريق الصواب، وكل ما على الإنسان أن يختار طريقه ما بين الحلال والحرام، لكننا فضلنا الضياع بين العيب والعادي عندما فضلنا العادات على الدين فلا نستطيع أن ننكر أن الكثير من عاداتنا خاطئة وما أنزل الله بها من سلطان، كما نتناسى الدين في أحيان كثيرة تحت مسمى الحرية الشخصية ووجهة النظر وضرورة الاقتناع، فطلع علينا بعض من الذين يفتون في الدين ويحرمون ويحللون من رؤوسهم وهنا نقول لهم من أين جئتم بهذا؟والخلاصة أن السلامة في تحكيم الدين واستفتاء القلب السليم، فالعينان تعانيان ضعف البصيرة وتفتقدان للحكمة في الكثير من اﻷحيان، وكل ما علينا هو فتح العينين كي لا نضل النجدين.
ناهد الرطروط – صحيفة اليوم السعودية