قبل اسبوعين روجت منصات مليشيا الدعم السريع لمؤتمر صحفى فى العاصمة الكينية نيروبي ، وساد همس بأن محمد حمدان دقلو قائد المليشيا سيكون المتحدث الرئيسي ، وفى 18 نوفمبر 2024م انعقد المؤتمر دون حميدتي ، وماتت سيرة الحدث لغياب الأثر..
ولم يكن الهمس عن فراغ ، فقد شوهد حميدتى فى كينيا خلال تلك الفترة ، وكان المؤتمر فرصة لاحداث نقلة فى الصورة المكانية والسياسية للمليشيا ، ونقل حمل الضغوط العالمية والاقليمية إلى منطقة اخرى ، وتوسيع مساحة وجود المليشيا ، كما أن كينيا خيار جيد لثلاثة اسباب:
– علاقات جيدة بين قائد مليشيا الدعم السريع والرئيس الكيني وليم روتو ، فقد ساهم المال الفاسد فى صعود الاخير للسلطة ، كما ربطته علاقات مريبة فى تهريب الذهب من السودان ، وقصة وصوله بطائرة خاصة للسودان معلومة ومشهورة..
– وثانيا: تتوفر فى كينيا امكانية إلتقاء فريق عمل المليشيا ، واغلبهم من المطاردين والمطلوبين دوليا ، ويصعب انتقالهم خارج حدود الاقليم والمقصود هنا (حميدتي وعبدالرحيم والقوني) ..
– وثالثا: فإن كينيا احد مراكز الاعلام العالمي فى القارة الافريقية ، ومسرح للكثير من المنظمات والشركات الكبري ، والكثير من الصلات المعقدة والدوائر المشبوهة.. كل ذلك يجعل منها الخيار الأوفق لرجل يكافح للبقاء..
ومما يعزز هذه الفرضية ، ذهاب عبدالرحيم دقلو إلى كينيا ، واللقاء مع الرئيس الكيني ، واشارت المصادر إلى اجتماعه مع سلفاكير حيث اوردت قناة “الشرق” فى يوم 6 نوفمبر 2024م ( إن الرئيس الكيني وليام روتو رفقة قائد ثاني قوات الدعم السريع عبد الرحيم دقلو وصلا إلى جوبا، للقاء رئيس جمهورية جنوب السودان سلفاكير ميارديت ولبحث ملفات عدة.
وقد نشرت وسائل إعلام بجنوب السودان خبر وصول الرئيس الكيني وحده إلى العاصمة جوبا في زيارة رسمية تستغرق يوما واحدا، حيث كان في استقباله سلفا كير ميارديت).. وهذا هدف فى حد ذاته لتعزيز الانفتاح فى المنطقة.. وقد زار وفد أماراتي ذات الاقليم فى وقت لاحق..
وسبب آخر يدعو حميدتي للخروج من قوقعة (أبوظبي) هو الامساك بأوراق التأثير ، فقد تلاحظ فى الاوانة الأخيرة سيطرة اخيه عبدالرحيم دقلو على القرار السياسي والعسكرى ، فقد اطاح فى وقت سابق بأحد المقربين من حميدتي ومستشاره السياسي يوسف عزت ، وشكل عبدالرحيم تنسيقية سياسية تتبع له مباشرة ، واختار مقرها فى العاصمة اليوغندية كمبالا ، حيث يسهل الوصول لها جوا أو برا عبر جنوب السودان.. وقد اغضب ذلك أطراف كثيرة ، ولكنه عزز التنسيق مع تنسيقية (تقدم) ، واصبح خطابها اقرب للمليشيا ، بل تمثل اسناد واضح لها ومدافع عنها ، كما حدث فى مسرحية (الادارة المدنية) والغزل الذى سكبه مداد قادة (تقدم) عن ممارسة ديمقراطية فى (بيوت اشباح) ..
ومن الواضح أن حميدتي اصبح خارج المشهد كليا ، وآخر حديث له عن تفاصيل الميدان فى 10 فبراير 2024م متحدثا عن (انتصارات مهمة فى المهندسين وفى بابنوسة وتوعد ب (طق نضيف)) ، بينما كانت قواته فى واقع الأمر قد تعرضت لهزائم نكراء فى تلك الأيام وفى هاتين المنطقتين تحديدا ، وكنت قد كتبت حينها (من اى عالم يتحدث حميدتي) ، وحديثه اللاحق فى 9 اكتوبر 2024م ، بعد هزيمة قواته فى جبل مويه هو محاولة لتسجيل حضور وبحث مبررات وابتزاز لدولة جارة (أى مصر) ، وواضح أنها كانت نصيحة من تنسيقية (تقدم) لتمهيد تواصل مع القاهرة وقد فشلت..
فهل يتم ترحيل تراكمات مليشيا الدعم السريع من (أبوظبي) إلى ادغال القارة الافريقية ؟ والاجابة فى رأي نعم..
وهل تتحول مليشيا آل دقلو الارهابية من بندقية اطماع الى قميص لقوى سياسية ؟ والاجابة عندى نعم ، فلم يعد بالإمكان تحقيق نصر عسكري والخيار هو حصاد كسب سياسي مهما قل وهو ما تكافح من اجله (تقدم) ..
لم يبق من حميدتي إلا جسد ممزق وكيان مشتت يبحث عن مستقر.. (يتبع)
د.ابراهيم الصديق على
2 ديسمبر 2024م