التوريش والتنمية السياسية المستقلة
لا أفهم ضرورة هذه الإجتماعات والورش التي لا تنقطع لنفس منتدي الجماعة السياسية في أكثر عواصم أوروبا غلاء في الأسعار.
مصدر حيرتي هو أن هذه الحرب تدور بين جيش وجنجويد قرار الحرب والسلم بيدهما والقوي السياسية المستورشة فقدت الشارع ولا تاثير لها علي وقوف الحرب من إستمرارها.
الحوار من أجل السلام أجدي حين يكون بين ممثلي الطرفين المحاربين أو من ينوب عنهما بالتفويض الواضح.
ثانيا، معظم المشاركين في هذه الإجتماعات والورش – التي يتم فيها إعادة تدوير كليهشيهات أبدية ملها الشعب حد السقم – يقيمون في دول الجوار العربي والأفريقي لذا لا أفهم عقدها في مدن أروبية فاحشة الغلاء. من يدفع ولماذا؟
يبدو أن الغرض من هذه هذه الإجتماعات والورش ليس بالضبط أو فقط السعي لايقاف الحرب كهدف وحيد. أهم من ذلك الهدف هو ترتيب توزيع السلطة في فترة ما بعد الحرب بما يضمن تمثيل جيد للمجموعات السودانية الصديقة للجهات الممولة.
وفي هذا إعادة لمشهد ٢٠١٨، حيث أقيمت العديد من الورش، أشهرها رباعية شاتم هاوس، والتي لم تساهم في إسقاط نظام البشير ولا بصفر ولكنها نجحت في تصميم هندسة الفترة الإنتقالية وإختيار توجه السياسية الخارجية والإقتصادية اللاحق والشخصيات التي ستتولى أهم المناصب بما يضمن تنفيذ التوجه.
أحيانا بحسن نية واحيانا بغيرها، لعب المال الغربي دورا حاسما في إفساد التطور السياسي السوداني إذ انصرفت قطاعات هامة من الطبقة المتعلمة من النضال المتجرد للأجيال السابقة، أخطا أو أصاب، وتحولت إلي مطاردة التمويل الغربي باسم منظمات المجتمع المدني وما شابه.
ومن طارد التمويل تغني بما يطرب صاحب المال كما يفهمه ولا يحتاج إلي أوامر ما يطلبه المانحون إذ أن أولوياتهم معروفة. وايضا يتجنب مطارد المال الأراء التي يعتقد أنها لا تسلي صاحب الجزلان حتي لا يتم عزله من التمويل والدعوات لسفر الورش الذي يرفع البرستيج ويوفر النثريات والترفيه السياحي في وقت عزت فيه فيزات السفر إلي أقل الدول شأنا دع عنك دول الاستكبار.
عبر هذه الميكانزيمات وغيرها تموقعت،في مفاصل إستراتيجية، منظمات أجنبية صاحبة أجندة مشبوهة أو في أحسن الأحوال حسنة النية لكن يتميز فهمها لتعقيدات المشهد السوداني بضعف بائن وضحالة لا يمكن التغطية عليها.
يقود هذا القصور المعرفي إلي مواقف تضر وتلعب دورا حاسما في تحديد الأفراد والجماعات التي يسمح لها بتمثيل الصوت المدني وفي عزل جماعات واصوات منافسة. وفي هذا إستعمار، مقصود أو غير مقصود. النتيجة واحدة وهي الوصايا الأجنبية بفرز الممنوعين والمسموح لهم بتمثيل الشعب المدني.
بقولي هذا لا أهدف إلي توزيع إدعانات أو إتهامات بقدر ما أقصد إضاءة بروز واقع مالي موضوعي شديد التاثير إن لم نستطع صرفه علي الأقل يجب أن نفهم دوره في تشويه التنمية السياسية وانحراف الفكر الوطني وان نستصحب تداعياته في التحليل والتقييم والتموقع من أجل تنمية سياسية مستقلة.
معتصم أقرع