عندما كنتُ في العشرينيَّات، وفي أزقَّة المدينة المنيرة.. أحببتُ ابنة الجيران كأيِّ مراهق في تلك الفترة.. إنَّها فتاة كرديَّة الأصل والملامح والطبائع، واسمها «نيروز»، وتكبرني بخمس سنوات.!
في ذلك الحين قالت لي: لماذا لا تكتب فيَّ بعض الشِّعر يا أحمد؟!حينها لم أكن قادرًا على الكتابة، ولا أملك من طوب معجم المفردات والكلمات ما يؤسِّس لي بيتًا من الشِّعر، لذلك ذهبتُ إلى ديوان العم «نزار قباني» -رحمه الله- واختلست منه كلمة من هنا، وكلمة من هناك، واتَّكأتُ على قصيدة اسمها (دعيني)، وبدأتُ أُغيِّر في كلماتها حتَّى تكوَّنت على يدي هذه القصيدة، وهي أُولى القصائد التي كتبتُها.. إنَّها خليطٌ من خربشات العرفج، وإبداعات «نزار»، وعيون «نيروز»؛ أقول فيها:
دَعينِي أكتبُ لَكِ شعرًا
دَعينِي أنثرُ لَكِ وردًا
دَعينِي اشترِي لَكِ الآيسكريمَ مثلَّجًا
دَعينِي أرسمُ عينيكِ كلوحةٍ علَى القمرِ
دَعينِي أجرِي بحذاءٍ أو بغيرِ حذاءٍ إليكِ يا بعيدةَ المنالِ
دَعينِي أَرمِي الكرةَ باتجاهكِ حتَّى اتبعَهَا
دَعينِي أغنِّي لَكِ رغمَ أنَّنِي لَا أجيدُ الغناءَدَعينِي أسرقُ عطرَ أختِي وأقدِّمهُ هديةً بينَ يديكِ
دَعينِي آخذُ فستانَ خالتِي وأقدِّمه لَكِ هديةً بمناسبةِ رؤيتِي لَكِ
دَعينِي أقتبسُ من عينيكِ الإلهامَ
لعلِّي أرتِّبُ فِي حضرتِكِ الكلامَ
دَعينِي أصبُّ لكِ الشَّايَ صبًّا
لأنَّكِ وردةُ هذَا الصباحِ
دَعينِي أعبِّرُ عمَّا يدورُ في مشاعرِ الأكوابِ
وهِي تلامسُ شفتيَكِ
دَعينِي أسألُكِ.. هلْ أعجبَكِ الشَّايأمْ أخلطهُ لَكِ ببعضِ الحليبِ
دَعينِي أقولُ لكِ: إنِّني أحبُّكِ
أتعلمِينَ ذلكَ؟! نعمْ أُحبُّكِ
دَعينِي أفكِّرُ.. كيفَ ألتقِي بِكِ
وكيفَ اشتاقُ لَكِ وأطوِي المسافةَ التي بيننَا
دَعينِي آخذُ إجازةً قصيرةًلأدرسَ تاريخَ عينيكِ
لأعرفَ متَى اتَّصلَ الجمالُ بعينيكِ
دَعينِي أقبضُ علَى الزَّمنِ حينَ أكونُ أمامَكِ
فلا أجعلهُ يتحرَّك بلْ يتوقَّف
في هذهِ اللحظةِ التاريخيَّة
التي أكحِّلُ عيني برؤيتكِحسنًا؛ ماذا بقي!
بقي القول: إنَّني بعد قصيدة «دَعينِي… دَعينِي… دَعينِي» كتبتُ قصيدةَ «تعالِي» وتلكَ لهَا قصيدةٌ سأرويهَا فِي مقالِ الأسبوعِ المقبل.
أحمد عبدالرحمن العرفج – جريدة المدينة