يعبر خطاب جماعة تقدم عن غضبها ودهشتها من النقد الواسع الذي تتعرض له. تبرر الجماعة لهذا الغضب بانها جماعة مدنية تدعو للسلام ولا تحمل سلاح فكيف يترك الناقدون الجنجويد ويوجهون سهامهم نحوها؟ وفي ظن تقدم أن من يفعل ذلك يسعي للكسب السياسي غير المشروع.
ولكن من السهل علي الراي الاخر القول بان تقارب خطاب تقدم مع خطاب الدعم السريع، بما في ذلك إعلان أديس أبابا – يعني أن أي نقد لتقدم في جوهره نقد للدعم السريع علي مستوي الخطاب السياسي كإمتداد للتصدي للجنجويد في الميدان الإعلامي للمعركة علي جثة البلاد. ويقدم الراي الأخر دوسيه سميك من حيثيات مثبتة تعزز من شكوكه في طبيعة موقف تقدم.
ورغم وجود إنطباع واسع وسط الجماهير بان تقدم هي الذراع السياسي للجنجويد إلا إنها تنفي أي علاقة تحالف معهم جملة وتفصيلا. ولو قبلنا هذا الإنكار بكرم وحسن ظن يطل سؤالا أخر لماذا فتحت تقدم البريئة نفسها لهذا الإتهام وكيف سمحت له بكل هذا الإنتشار والقبول الواسع؟
لا بد أن نضيف أسهل ما في هذه الحرب هو تجنب شبهة التحالف مع الجنجويد إذ إن جرائمهم ضد الإنسانية تتيح أوسع الفرص لإدانتهم يوميا بلا تردد ولا مجمجمة ولا خلق تناظر كاذب بين الجيش وهذه المليشيا الإجرامية ولا لجوء يومي لإكروبات وهاتأباوتسم.
إذن لو قبلنا إدعاء تقدم بالحياد في الحرب فلا بد من الإستنتاج إنها جماعة تتمتع بغباء سياسي غير مسبوق في تاريخ السودان والدليل إن خطابها وممارساتها السياسية فتحتها لشبهة التحالف مع الجنجويد وهذه الشبهة تستفحل وتتعمق يوميا رغم أن تقدم تعتقد أنها لا تستحقها.
من واجب أي إنسان لم تفسد فطرته تماما تجنب مساعدة الجنجويد، ليس ذلك وحسب بل أن واجبه تفادي حتي شبهة التواطوء معهم وهذا هدف أسهل من ضربة جزاء في مرمي خالي. أن تكون تقدم غير متواطئة مع الجنجويد وفي نفس الوقت تفشل في تفادي شبهة مشعة نوويا، وهو أسهل ما يكون، بل وتساعد علي توسع نطاق قبول التهمة يوميا، بلادة جديرة بالدخول في كتاب غينيس.
وهذا قضية شديدة الأهمية لانه في شأن العمل السياسي وإدارة الدولة فان كلفة الغباء وتدني القدرات لا تقل عن كلفة الفساد وكثيرا ما تفوقها.
لا يمكن لتقدم الإكتفاء بإلقاء اللوم علي مخالفيها وحيونتهم وكوزنتهم وبرغثتهم.
وبما أن المال متوفر من فند إعادة تشكيل المشهد الإسفيري وغيره من الفنود أقترح علي قادة تقدم عقد ورشة تحت عنوان “كيف فرطنا في سمعتنا وسمحنا بتمكن شبهات أسهل ما يكون تفاديها”؟ ومن الممكن أن تدعو للمشاركة في الورشة أصوات من خارج الجوقة المسبحة بحمدها.
معتصم أقرع