حكى لي أحد الأصدقاء أن أحد أقاربه كان تاجراً واسع الثراء، بأحد مدن الشمال البعيد. وكان على امتداد رزقه المفتوح وممتلكاته بخيلاً مع جبنٍ وتردد، ولكن رغم ذلك كان فيه لطف شائع للاعتراف بهذه الرذائل.
وكان في جواره قريب له شاب يعمل في التجارة بامكانات محدودة، لكنه كان كريما ومحبوبا لدى الجميع وكانت تجارته تقوم على ترحيل منتجات ذراعية يرحلها إلى سوق امدرمان، ويجلب بعض البضائع التي يحتاج لها سوق المدينة في الشمال.
وفي احدى سفرياته لاحظ أن سيارة النقل التي تحمل له المنتجات فيها مساحة فارغة فدخل على قريبه التاجر الثري البخيل وطلب منه الف جنيه – وكانت انذاك مبلغا مقدرا حيث كان الجنيه السوداني يقدل في الاسواق في كبرياء واعتداد، لشراء كمية من البلح لاكمال الشحنة وكان رد الرجل غريبا وعجيبا حتى صار حديث المدينة لسنوات:
“انت يا ولدي قايل الالف جنيه دي ما عندي علي الطلاق قدرها بالمئات في الخزنة ديك، يعاينوا لي ويعاينوا ليك الا قلبا بفتح الخزنة مافي دحين شوف ليك صرفة تانية”
تذكرت هذه الحكاية وأنا أرى الالاف من الشباب والالاف من رجال الأعمال والأثرياء والالاف من الخبراء العسكريين والكفاءات السودانية في شتى المجالات والمئات من المدن المستباحة والقرى الجريحة والبوادي الدامية جراح تستوجب تحالف جميع السودانيين بالداخل والخارج ، لكن للأسف من بطرفه شهادة البحث والمفتاح ببخله وتردده التاريخي لا يجرؤ على فتح الخزانة.
**حاشية:
عزيزي القائد العام ارجو أن تسمح لي بأن أكشف سراً عسكرياً خطيراً، هل تعلم يا “سعادتو” أن الهلالية القتيلة على مرمى حجر من جحافل جنودك البواسل الذين ينتظرون إلى اليوم صدور الأمر المستحيل؟
حسين خوجلي