رأي ومقالات

الشيوعية والراسمالية والنسر العجوز

تري هل كان غوبلز مدير دعاية هتلر سينجح في تحييدالشيوعين واليساريين بابتزازهم بان تصديهم للنازيية يخدم مصلحة امريكا العنصرية واوربا الاستعمارية؟

لم يتردد الشيوعيون السوفيت في التعاون مع المعسكر الراسمالي العنصري الامبريالى.
وكانت هزيمة النازية احد اعظم مساهمات الإتحاد السوفيتي للحضارة والإنسانية.

في التاريخ الرسمي الذي كتبه الغرب يتم تغييب متعمد لحقيقة ان الإتحاد السوفيتي كان له القدح المعلي في هزيمة النازية وقدم أكثر من ٢٤ مليون شهيدا بلا تردد ولا مجمجة فطيرة عن ان التصدى للنازية يصب في مصلحة المعسكر الراسمالي الامبريالى.

ولم يقل الشيوعيون ان الحرب العالمية تدور رحاها بين نازية ولدت من رحم راسمالية عنصرية فاسدة وانهم في طهرانيتهم الثورية علي مسافة عداء واحدة من كليهما.
ادرك اليساريون والشيوعيون ان خطر النازية فادح لدرجة لا يمكن مقارنتها بخطر الراسمالية الامبريالية التقليدية لذا لم يترددوا في التحالف مع المعسكر الغربي لهزيمة شيطان أكبر.
وبنفس المنطق ولنفس الاسباب لم تتردد حكومات الغرب الراسمالي في التحالف مع الشيوعيين الذين وعدوا بشنق اخر راسمالي بامعاء اخر قسيس.

كان كل هؤلاء القادة التاريخيين رجال دولة من الطراز الاول يدركون ان التاريخ لا يطرح ابدا خيارات نظيفة كاملة النقاء تتيح المحافظة علي عذرية طهرانية كاذبة ترضي الانا الثوري ولا تؤثر علي مجري التاريخ ولا تقلل الام البسطاء لانهم قادة واقعيين لم يكونوا علي نهج الهواة.
ضع الجنجويد في مكان هتلر ليسهل فهم ما يرمي له البوست.
ولكن هل كان التحالف المرحلى يعني ان كل الامور كانت علي ما يرام بين قادة معسكرى الراسماليةوالشيوعية؟

لا أعتقد. القصة ادناه تشير الي درجة انعدام الثقة بين حلفاء الضرورة التاريخية.
“أثناء الحرب العالمية الثانية، وبينما كانت المحادثات الثلاثية تجري بين : الرئيس السوفييتي ستالين، ورئيس وزراء بريطانيا تشرشل، والرئيس الأمريكي روزفلت في مدينة يالطا الروسية…
كتب روزفلت كلاماً على قصاصة ورق صغيرة، وسلّمها إلى تشرشل…!!

قرأ تشرشل ما كتبه روزفلت ثم أحرق الورقة في منفضة سجائر أمامه، بعدها كتب تشرشل الإجابة وسلمها إلى روزفلت، والذي قرأها ثم رماها أيضاً في المنفضة التي بجانبه…!!
بقيت الورقة سليمة لأن روزفلت لم يكن يدخِّن…

حالما غادر الزعماء طاولة المفاوضات، سارع أفراد جهاز الأمن السوفياتي إلى التقاط تلك الأوراق وكان مكتوباً بخط تشرشل:
“لن يطير النسر العجوز من العش على أية حال”…!!

بالطبع، فسّر الأمن السوفياتي تلك الكلمات على أنه محاولة لإغتيال شخصية كبيرة وعجوز..؟؟!! وقدروا أن ستالين هو المقصود…

قاموا بالتحري والتدقيق عن مثل هكذا إقتباس في الكتاب المقدس، وعند شكسبير، وديكنز، وحتى “أليس في بلاد العجائب”!!
لكنهم لم يعثروا على اي تفسير مقنع، وأصبح الأمر أكثر وضوحاً بالنسبة لهم ثمة محاولة اغتيال! النسر العجوز هو ستالين، والعش هو قصر المحادثات في ليفاديا.

قاموا بتغيير الحرس، وعززوا المراقبة وجلبوا كل ما يلزم من عتاد وذخيرة يمكن تلزمهم في أية معركة! ومع ذلك ، لم تحدث مفاجآت غير سارة..!!
غادر الزعماء الكبار بهدوء إلى بلدانهم.

وبعد مرور عدة سنوات على ذلك الاجتماع، صادف أن وجد مترجم سوفييتي نفسه في إحدى المناسبات وهو يقف بجانب تشرشل، فسأله عما كان يقصده بعبارته تلك الغامضة والخطيرة..؟!
فأجاب تشرشل:
في حقيقة الأمر، كتب روزفلت لي يقول :
“سيد تشرشل، سوستة بنطلونك مفتوحه”…!!
فطمأنته بأن “النسر العجوز لن يطير من العش”

معتصم أقرع