كنتُ حديث التخرج وقتها، وفي بدايات ممارسة العمل الصحفي بشكل محترف عندما طرق سمعي إسم “الهادي بشرى” مقروناً برتبته العسكرية .. كان ذلك في العام 1985 بعد انتفاضة أبريل التي أطاحت بحكم الرئيس جعفر نميري، ويومها جرى تكليف “العميد الهادي بشرى” بالإشراف على تصفية “جهاز أمن الدولة” بعد حل الجهاز، وعلى الرغم من فداحة الخطأ الذي وقع فيه صانع القرار وقتها إلا أن تكليف ضابط القوات المسلحة، الهادي بشرى، بتلك المهمة حصرت الخسارة في أضيق نطاق.
بعد انقلاب الإنقاذ في 1989 خرج الهادي بشرى معارضاً للنظام الجديد، وكان وقتها ضمن “القيادة الشرعية” التي ضمت الفريق أول فتحي أحمد علي والفريق عبد الرحمن سعيد وآخرين.
وفي أوائل التسعينيات، تابعت عن كثب، الجهود التي بذلتها قيادة الإنقاذ ممثلة في الرئيس البشير ومستشاره لشؤون الأمن القومي وقتها، بكري حسن صالح، لاستعادة الهادي بشرى إلى حضن الوطن، ووقتها سألت المستشار بكري، لماذا تفعلون ذلك ؟ فرد عليّ بما معناه أن هذا من رجال القوات المسلحة المميزين ومكانه وطنه وليس المنافي ..وتابعت تلك الجهود التي تكللت بالنجاح وعاد الهادي بشرى بطائرة خاصة حملته من العاصمة الأردنية عمان إلى الخرطوم، وتلك قصة لم يحن وقت روايتها بالتفاصيل بعد.
في العام 2018 أتاني يتوكأ على عصاه، في مبنى الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، وكنت وقتها مديرها العام لعدة أشهر، ليشفع شفاعة حسنة في شأن أحد منسوبي الهيئة، ممن عملوا معه عندما كان والياً على النيل الأزرق، وقد أكبرت فيه أن يصر على أن يأتي بنفسه، في حين كان بوسعه أن يرفع سماعة الهاتف وسيجد طلبه مجاباً، لكونه لم يشفع إلا لمصلحة عامة.
منذ أن أصبح شخصية عامة، ظللت أتابع سيرة اللواء م الهادي بشرى، وأشهد أنه من القلائل الذين يجمعون بين الشجاعة والصرامة، والعلم والحلم، والتواضع والكرم، والصدق والزهد، والبيان والسنان، ولا غرو في ذلك فهو ابن ود نوباوي وأم درمان ، وفوق هذا إبن القوات المسلحة وإبن السودان،
وقد هزني ما قرأته له اليوم وهو يعلق على حادثة مطار دنقلا وهرطقة المهرطقين، ببيان رصين.
العبيد احمد مروح