الجنجويد استباحوا منطقة شرق الجزيرة استباحة كاملة

السهل المنكوب.
طبعا الجنجويد استباحوا منطقة شرق الجزيرة استباحة كاملة. قتلوا وآهانوا وروعوا السكان العزل الأبرياء الذين لا حول لهم ولاقوة واذاقوهم أشد انواع العذاب، ونهبوا الأسواق في كل من رفاعة وتمبول والهلالية وقرى غرب النيل الأزرق بصورة كاملة. إلا أن حملتهم كانت أشد ضراوة وقسوة في قرى شرق الجزيرة على وجه الخصوص لدرجة انهم حرقوا مزارع الذرة حول تمبول، مما اضطر سكان المنطقة لمغادرتها بعد ان نكل بهم أشد تنكيل. وحسب الافادات الواردة من هناك تمت سرقة كل القرى بلا استثناء في هذه المنطقة الواسعة المترامية الاطراف، وقد سمعنا انهم ينوون افتتاح سوق للسلع برفاعة بعد أن سرقوا كل السوق وخربوه و ونقلوا بضائعه إلى الحصاحيصا بدفارات مخصصة للسرقة والنهب حتى اضحت المدينة بلا غذاء. ونتيجة لهذه الحملة الشعواء التى قادها التمرد، أصبحت كل المناطق الواقعة في سهل البطانة من النيل الأزرق غربا إلى تخوم حلفا في الشرق ومن القرى التى حول الحديبة في الجنوب إلى تخوم محلية شرق النيل في الشمال، تكاد تكون خالية تماما من السكان. الكل خرج وترك خلفه كل شىء من الملابس إلى السيارة. ليقطعوا مسافات مهوله راجلين وهم يحملون الأطفال على آكتافهم وظهورهم. طبعا بعض الناس قطعوا هذه المسافات في عدة ايام تتراوح من ٣الى ه أيام وهنالك من مات بسبب فقدانه لدواء كان يستعمله او نتيجة لرهق المسير وهو مريض، لأن الكثير منهم قطع جل هذه المسافات مشيا على الأقدام مع اخذهم قسط من الراحة عند قرى قد افرغت من ساكنيها. وهنا نذكر ان مليشيا التمرد كانت تأخذ كل دابة يمكن أن تساعد هؤلاء في مسيرهم، حتى (الكارو) التى حمل عليها طفل او شيخ كبير يتم أخذها دون شفقه او رحمة. السؤال هل هؤلاء لديهم نفس صفات الجنس البشري ؟ سارت هذه الكتل السكانية الهائلة مثخنة بالجراح، جراح بنادق التمرد وعصييهم وسياطهم وجراح معنوية نفسية كانت هي الاقسى والأشد ألما. فما منهم إلا وقد اخذ نصيبه من هؤلاء الاوباش الملاعين إلا القليل. سار نازحو شرق الجزيرة في إتجاهات مختلفة فمنهم من سار في اتجاه قرى الفاو ومنهم من إتجه الى القضارف ومنهم من وصل إلى حلفا ومنهم من اتخذ حلفا معبرا إلى مناطق أخرى وهناك من سار الى الطندب الحساناب الواقعة في الشمال الشرقي لمدينة تمبول متخذها محطة للعبور إلى شندي وعطبرة ، ومعظم أهلنا كانوا مع هؤلاء. نسأل الله أن يحفظ الجميع. الكثير من الغوث قد قدم من قبل السكان المحليين القريبين من نقاط هذه التجمعات ، جزى الله كل من بذل وقدم وأكرم . رحلة التهجير القسري هذه تضمنت مآس مؤلمة يصعب سردها مهما حاولنا تتبعها. فكل نازح او مهجر له قصة مختلفة بتفاصيل خاصة. قصص عجيبة وغريبة بل عصية على التصور، حدثت لمن لنا بهم صله دعك من بقية الحشود من الآلاف الزاحفة نحو الشرق. على سبيل المثال، ابنة خال المدام زوجها من قرية ود السيد – مشروع سكر الجنيد، شاب معروف بنخوته، عندما رأى الجنجويد يضربون بعض النساء بالسياط يستعجلون مسيرهن في مؤخرة الصفوف، رجع اليهم راجيا منهم عدم التعرض للنساء بالضرب لأن ذلك عيب ، فما كان منهم الا أن أطلقوا عليه الرصاص واردوه قتيلا. زوجته في المقدمة مصطحبة طفلها ذي الثلاث سنوات وهي حبلى بآخر، لا تدري ما حدث لزوجها. سمحوا لعمه الذي كان برفقته و آخرين بدفنه والزوجة لا تعلم بذلك حتى كتابة هذه السطور، لأن الجموع كبيرة و زاحفة في مشهد لن يغتفر لهؤلاء المنبوذين. أي نوع من البشر هؤلاء؟ مثال آخر لقسوة وغوغائية الجنجويد، اتت سيده من بانت شرق رفاعة وهي في حالة يرثى لها، تصرخ وتبكي ابنها الوحيد الذي حبسه المتمردون معهم وظلت في رجاء وتودد اليهم ليطلقوا سراحه لمرافقتها، فرفضوا رفضا قاطعا، وعندما أكثرت من الالحاح عليهم افرغوا فيه مجموعة من الرصاص ليلفظ انفاسه أمام ناظريها. فحكى لنا من تواصل معنا حينما بلغ شبكة الاتصال، انها كانت تبكي مذعورة وخائفة و منهاره نفسيا طالبة من بعض الرجال في إحدى القرى القريبة(ام تلاتة) الذهاب معها لدفنه. ولكنهم طلبوا منها ان تترك الأمر لهم وتبقى هي لتستجم. ذهبوا إلى بانت وحملوا الجثة واتوا بها لتغبر في ام تلاتة شرق رفاعة. اليوم أيضا علمنا ان زميلنا ببنك ام درمان الوطني(سابقا) ، صديق عمر السيد، قد إستشهد غدرا برفاعة له الرحمه والمغفرة والقبول الحسن رجل طيب وخلوق وحبيب لكل من عرفه. نسأل الله أن يتقبله شهيدا عنده. قصص محزنة ومروعة وصادمة يصعب التسامح مع من قام بها وحرض عليها ومن لايرغب في إدانتها.
الكل عرف أن الجنجويد جهال لا وازع لهم ولا دين ولا أخلاق. يمارسون القتل كما الأكل والشرب. ولانهم بدون قياده يتوقع ان يكون عدد الضحايا في المناطق التى دنستها ارجلهم أكثر مما يعلن عنه. ولا حول ولا قوة إلا بالله.

Mohammed Tameem Eldar

Exit mobile version