رأي ومقالات

تروس الشمال … أهي لمصلحة الهيمنة الدولارية ؟

تروس الشمال … أهي لمصلحة الهيمنة الدولارية ؟
الصادرات البينية بين الدول بالعملات الوطنية …. موضة العصر ومحاولة للفكاك من المنظومة البنكية العالمية الدولارية.
مكرر من 20 فبراير 2022م.
لفت نظري أن النغمة التي تداوم حماسيات تتريسات الشمال على تكرارها هي الاحتجاج على أن منتجات السودان تذهب لمصر بدون عائد دولاري.
هذا الطلب في ظاهره وجيه وهو أن تتم عمليات التبادل التجاري بين البلدين من خلال البنوك وفتح خطابات الاعتماد L.C والإجراءات والمستندات المعروفة لدى من يعمل في الاستيراد والتصدير وبالتالي تذهب الصادرات السودانية لمصر ويأتي مقابلها بالدولار أو اليورو.
الفكاك من الهيمنة الدولارية :
ربما يعلم القليل من المتحمسين المرابطين في التروس أنهم يقدمون للهيمنة الدولارية على التجارة الدولية أفضل خدمة ، هذا في الوقت الذي تسعى فيه كبرى دول العالم للفكاك من هيمنة التعامل بالدولار والسعي لاعتماد عملاتها الوطنية في التجارة البينية سواء كان ذلك مع الدول المجاورة أو الغير مجاورة.
إن قدرة الولايات المتحدة على فرض الحصار الإقتصادي على دولة من الدول ظل على الدوام ممكنا من خلال سيطرتها على تعاملات التجارة الدولية بالدولار من خلال نظام التحويل المالي العالمي وارتباطه بنظام المراسلات البنكية الدولية سويفت SWIFT، ولهذا تجدها تهدد حتى دولة مثل روسيا بالحصار الإقتصادي فما بالك بدولة مثل السودان لا تقارن بروسيا بوجه من الوجوه.
في عام 1997م كان بدء الحظر الإقتصادي الامريكي على السودان ، وسعى سودان الإنقاذ لاعتماد عملات بديلة مثل اليورو والريال والدرهم ، إلا أن منظومة الحصار الأمريكي ظلت تضيق باستمرار من خلال توجيه الانذارات للبنوك العالمية بفرض الغرامات عليها اذا تعاملت مع السودان.
سنرصد في الأسطر القليلة التالية بعض محاولات الفكاك من رهن التجارة الخارجية للتعامل بالدولار :
الصين : سعت الصين بدءا من 2008م لتسوية التجارة بينها وبين جيرانها من خلال العملات المحلية ، وأدى ذلك إلى إجراء التحويلات المالية والمدفوعات البينية دون الحاجة إلى بنك مراسل أو ضرورة مرور التحويلات بأميركا أو أوروبا.
تركيا : في عام 2018م وبسبب هبوط قيمة الليرة التركية هدد الرئيس التركي أردوغان بالتخلي عن التعامل بالدولار في التعاملات التجارية لتركيا، وقال إن بلاده تستعد لاستخدام العملات المحلية في التبادلات التجارية البينية الخارجية مع الدول ذات التبادلات التجارية الكبيرة مع تركيا مثل روسيا والصين وأوكرانيا
وأضاف: “نستعد لاستخدام العملات المحلية في تجارتنا مع الصين وروسيا وإيران وأوكرانيا وغيرها من الدول التي نملك التبادل التجاري الأكبر معها ، وهذا يعني مثلا أن تتقابض تركيا والصين بالين الصيني والليرة التركية ، وبالليرة التركية والروبل الروسي عند التعامل مع روسيا وقس على ذلك.
وذهب أبعد من ذلك بالقول أن تركيا مستعدة لتأسيس نفس النظام (استخدام العملة المحلية) مع الدول الأوربية إذا كانت تريد الخروج من قبضة الدولار.
2021م – 2022م التهديد بحصار الروس في سياق الأزمة الروسية مع أوكرانيا :
صرحت كريستينا كفيان، القائمة بالأعمال الأمريكية في أوكرانيا، لمراسل CNN سام كيلي، الأربعاء، بأن العقوبات الأمريكية على روسيا سيكون لها “ثمن باهظ على الاقتصاد الروسي”، وحذرت كفيان من أن روسيا ستصبح “منبوذة عالميًا”.
مجموعة بريكس BRICS :
تأسست مجموعة بريكس في 2006م وتتكون من البرازيل Brazil وروسيا Russia والهند India والصين China وجنوب أفريقيا South Africa ، ويتكون الاسم المختصر من الحرف الأول لاسم كل دولة مؤسسة.
وتسعى المجموعة من خلال اجتماعات رؤسائها ووزرائها المختصين سنويا منذ 2006م وحتى 2021م إلى تأسيس نظام مالي عالمي مواز لنظام البنك الدولي W.B وصندوق النقد الدولي I.M.F للانقلات من هيمنة الدولار ، وحتى الآن قامت المجموعة بتأسيس بنكها العالمي في شنهاي ، وتعمل على اعتماد سلة عملات تتكون من عملات الدول المؤسسة للتعاملات البنكية وتسعى لتأسيس نظام للتراسل البنكي لبنوكها غير نظام السويفت SWIFT والذي تتعامل به بنوكنا السودانية وهو من أدوات الحصار الأمريكي.
ما ذكرناه آنفا غيض من فيض الصراعات والتجاذبات المالية الدولية ، وبناء على ماسبق ووفقا لتقديراتي وقراءاتي فإن الناشطين في التروس ومن خلال الاحتجاج على التعامل بالعملات المحلية بين مصر والسودان فإنهم يبذلون جهدا يصب في مصلحة هيمنة الدولار ومؤسساته المالية في عالم تسعى كبرى إقتصادياته للإنفكاك والتحرر من هذه الهيمنة وأثمانها السياسية الباهظة ، يسيئون من حيث يظنون أنهم يحسنون صنعا.
#كمال_حامد 👓
مجموعة رؤساء دول بريكس BRICS.
ترس في الشمال.