يا كيجاب: بعدك أيامنا تنقصها النكهة.. قليل من السكر ربما وكثير من الملح والإيدام.. وذلك الدفء والإبتسام

(كل من عليها فان ويبقي وجه ربك ذو الجلال والإكرام)
ببالغ الحزن وعميق الأسي أحتسب عند الله تعالي خالنا الحبيب:
عبد المجيد سلطان كيجاب
الذي حدثت وفاته بنيويورك..
صباح هذا اليوم.. وإذ ننعيه نعلن إنطواء صفحة زاخرة في حياتنا وفي تاريخ الأمة السودانية فقد سطر وجودا مبهجا وحضورا كثيفا..ونثر جمالا ومحبة وحفر وجوده في سفر الإجتماع السوداني..فمثله لا يموت..ولكنه ينتقل…
إذن إنتقل لرحاب الله صاحب القلب المحب والأريحية المفرطة..والوجود الجميل…إنتقل رجل من أهل الله عاش لأكثر من ثمانين عام بقلب طفل وعزيمة شاب..وقوة مارد..
كان يحمل مفتاح للقلوب ولا يستأذن أحد فكل الناس عنده سواء..كبيرهم وصغيرهم ..الغني والفقير..المشاهير منهم وغمار الناس..لا يفرق بين محمد علي كلي وإمرأة تأتيه من أطراف البلدة في أثمال بالية أو رجل لا يكاد يبين …فتراه يفسح لهم ويحادثهم لا تبسطا منه ولكنها فطرته التي يري فيها الكل علي نفس الدرجات…رحل صديق الجميع وصاحب الكل…
رجل ذو نكهة خاصة خصها الله به..متفرد ذو سعة في سرعة البديهة والردود الحاضرة مما جعله صاحب طرفات ونكات أبهج بها المجالس وأحاديث المدينة..
ياااااا كيجاب.. أحزنتنا حد الثمالة…ووجعت قلوبنا التي طالما أسعدها حضورك..أبكيتتنا بكاءا مرا ونحن لم نتعود منك إلا الإضحاك حد البكاء..
رغم الثمانون عاما نراك متعجلا ونراك أسرعت الخطي ..
يا كيجاب: بعدك أيامنا تنقصها النكهة..قليل من السكر ربما وكثير من الملح والإيدام.. وذلك الدفء والإبتسام
كل كلمات العزاء: إنهد الجبل..رحل الفارس..إنكسر المرق وإتشتت الرصاص..كلها لاتعبر عن فقد الأسرة لك..فأنت من أطول النخلات في حوش الإسيد..وأجذرهن في جنائن السعداب ..لؤلؤة مخبوءة في عمق بحر الغابة..يحرسها جان ..ذلك الجان الذي تهزأ به وتصغره وتبتسم هازئا وبلهجة شمالية موغلة أصيلة تقول له(هييي شوف دة وتتبعها بي ضحكة : كدي زح كدي شوف الوشيش يشبه ود ناس هناي داك) وتقفز قفزتك الأخيرة مرتحلا إلي بحر سماوي زاخر.. الفوز فيه للسباح الذي صعد إليه بقلب نظيف وبشاشة وصحيفة تكاد تكون خالية إلا من قليل من خربشات الأطفال والصبية وكثير من (الدروشة) وعدم اللامبالة واللا إكتراث لنعيم الدنيا وزخرفها وبهجتها تلك اللامبالاة التي تثقل الميزان في ذلك البرزخ الحساس..
ياكيجاب ودعناك الله ..وأودعناك الرحيم يا أيها النقي التقي البسام
..
لا تقول إلا ما يرضي الله:
(إنا لله وإنا إليه راجعون)
رصد وتحرير – “النيلين”
Exit mobile version