والمستشارية والمدارس بمصر .. غفر الله لكم !!

وأخيراً، أصدرت المستشارية الثقافية في سفارة السودان بالقاهرة، بياناً أمس قالت فيه إنّ السلطات التعليمية المصرية لم توافق للمدارس السودانية بمزاولة النشاط التعليمي بعد.
المستشارية دعت أصحاب المدارس لاحترام سيادة وقرارات الدولة المضيفة، قبل أن تهددهم بوقف الدراسة فوراً أو التعرض للمساءلة وسحب الترخيص والإغلاق النهائي.

بيان المستشارية المتأخر جداً، والذي جاء بعد وقوع الفأس على رؤوس العديد من الأُسر التي ضلّلتها إعلانات المدارس وسجلت أبناءها وبناتها رغم ضيق ذات اليد، لم ينس أن ينصح أولياء الأمور بالتريُّث في عملية التسجيل للعام الدراسي الجديد، وعدم دفع الرسوم نهائياً.
شكراً للمستشارية الثقافية التي استيقظت بعد فوات الأوان، وأصدرت بياناً كسولاً لم يحمل أي جديد بشأن استئناف الدراسة، تضمن ما يحملها مسؤولية اندفاع الأسر لتسجيل أبنائها في عدد كبير من مدارس خدعتهم وقبضت مبالغ طائلة، على الرغم من عدم حصولها على تصاديق الدولة المُضيفة لاستئناف الدراسة.

البيان للأسف تأخّر كثيراً، بعد أن قبضت بعض المدارس ما لا تستحقه من رسوم تحت مرأى ومسمع مستشارية سفارة السودان، وما مطالبة البيان بالتوقف فوراً إلا اعتراف ضمني بأنها تعلم أنّهم يعملون في العلن والخفاء حتى يتحصّلوا على مبالغ مالية من أولياء الأمور دون تقديم خدمة التعليم المُنتظرة.

والمستشارية الثقافية إذ تطلق كل هذه النداءات، فهي تثبت فشلها في التعاطي والتعامل مع قضية مركزية وجوهرية ظلت تمثل الهاجس الأكبر لأولياء الأمور في مصر، ما شكّل إحباطاً كبيراً للجالية السودانية التي كانت تنتظر بياناً غير الذي قرأناه بالأمس، يوضح على الأقل ما توصّلت إليه مستشاريتنا الثقافية وسفارتها في حوارها مع الجانب المصري حول استئناف المدارس السودانية لنشاطها في القاهرة.

انتظرنا أن تُبشِّرنا السفارة أو تنعي العام الدراسي وتُوصد الباب أمام التكهنات والاحتمالات والانتظار الطويل، لا أن تتواطأ ببيان خجول مع الواقع الذي يشهد ممارسات أدت لأن يكون أولياء الأمور ضحايا لممارسات بعض المُستهبلين من أصحاب المدارس الذين قبضوا الأموال، رغم علمهم بأن السلطات المصرية لم توافق على فتح الباب لبدء العملية التعليمية.

لا أدري هل حدث ذلك من باب التواطؤ أم الإهمال وعدم تقدير المسؤولية، فالملحقية الثقافية تمارس (تحنيس) أصحاب المدارس بالكف عن تسجيل الطلاب، وتنصح أولياء الأمور بعدم تسديد الرسوم، رغم علمها بما يحدث الآن من نصب واحتيال، جعل العديد من الأسر تلهث الآن لإعادة إموالها بعد أن باعت لهم المدارس الترماي والوهم.

الملحقية الثقافية لم تحسن التعامل حينما تكاثرت المدارس دون تصاديق أو تطبيق للمواصفات المطلوبة، وها هي تفشل مرةً أخرى في التصدي لعمليات النصب الذي مارسته بعضها بحق أولياء الأمور، وهي تعلم أنهم يتعرّضون لإسوأ مما فعله الجنجويد في حربهم ضد السودانيين، وإن كانت تستطيع أن تسحب التراخيص وتحاسب فلماذا لم تفعل وماذا تنتظر؟!!.
إنّ تراخي الملحقية الثقافية وتقاعسها عن إعلام أولياء الأمور بما تحيكه المدارس من مكر و(لف ودوران)، يستهدف الجيوب الخاوية أصلاً، يجعلها شريكة في الجرم، فماذا تنتظر وهي تعلم بوجود مدارس تتحصّل على رسوم وأولياء أمور تم خداعهم حتى دفعوا (دم قلبهم) وتملّكتهم الحسرة على ما أنفقوا وباتوا يُطاردون الآن لإرجاع حقوقهم، والمستشارية كأنها جهة أجنبية (لا تهش أو تنش) مهمتها الوساطة لا غير.

إنّ البيان الذي أصدرته المستشارية بالأمس جاء ضعيفاً، ومتأخراً، ولم يحمل جديداً سوى توريط السفارة في ذات الجرم الذي اقترفته بعض المدارس بحق أولياء الأمور.

لقد فشلت المستشارية الثقافية لسفارة السودان في حل المعضلة ابتداءً، رغم الانتظار الطويل، ولم تخبرنا بما توصّلت إليه المشاورات مع الجانب المصري، حقٌ لكل سوداني أن يعلم مصير تعليم أبنائه، وهذا الأمر ليس منحة تتصدّق بها السفارة، بعد كل ذلك لم تتعامل المستشارية بما يلزم من حسم وإجراءات مع محاولة (الاستهبال والنصب) الذي تتعرّض له الأسر السودانية من قِبل بعض سماسرة التعليم ومُلّاك المدارس..

نتمنى أن ترتفع المستشارية وربانها (الملحق المشغول والمنشغل على الدوام) بأمر مستقبل تعليم أبناء السودانيين في مصر، فهذا ملفٌ مركزي وحيوي ومهمٌ، ولا أظن أن البيان الذي صدر يشير إلى أن مستشاريتنا تولي الأمر الأهمية المطلوبة.. (مشغولين بى شنو)؟!.

وإن فشلت السفارة والمستشارية في ملف المدارس، فلتواجه السودانيين وتخبرهم بالحقيقة بدلاً من جعلهم لقمة سائغة في فك سماسرة التعليم الذين لا يرحمون… فتأخر السفارة في التوضيح هو الذي أغرى أصحاب بعض المدارس لينفردوا بأولياء الأمور.

أخيراً..
نريد من المستشارية أن تعلمنا متى وكيف وأين سيقرأ إبناؤنا وبناتنا، وما هو مصيرهم، والمستقبل يزداد غموضاً في كل يوم…

وأخيراً جداً:
أزعجني خطأ لغوي في بيان المستشارية كتب (بدء)، (بدأ)، وهو خطأٌ لا يليق ببيان يُعبِّر عن مستشارية ثقافية منوط بها أمر التعليم والمدارس..!

محمد عبد القادر

محمد عبدالقادر

Exit mobile version