🔴 الدعامة أطلقوا على مريض نفسيًا وابلًا من الرصاص عبر (فمه)
(نجـــــــوم في الحــــرب)
سلسلة حوارات يجريها:
محمــد جمــال قنـــدول
رئيس تحرير صحيفة (الدار) مبارك البلال الطيب لـ(الكرامة):
الدعامة أطلقوا على جاري المريض نفسيًا وابلًا من الرصاص عبر (فمه)..
احتلوا بيتي بكتائب كاملة ونصبوا مضادات الطيران…
جيران متعاونون سرقوني.. وتحول منزلي ل(معتقل شهير)
في هذا اليوم (….) ضربت السوخوي منزلي و(الله ستر) ..
عسكري جيش قُتل أمام داري وهذا ما حدث لجثته (….)
صدامٌ عجيبٌ دار بين الجيش والمتمردين بشمبات
كانوا ينحرون خروفيْن يوميًا والتحلية (شوكولاتة فاخرة) اتضح أنّها (….)
هذا ما قاله مناوي قبل الحرب ولم ندرك معناه (….)
ربما وضعتهم الأقدار في قلب النيران، أو جعلتهم يبتعدون عنها بأجسادهم بعد اندلاع الحرب، ولكنّ قلوبهم وعقولهم ظلت معلقةً بالوطن ومسار المعركة الميدانية، يقاتلون أو يفكرون ويخططون ويبدعون مساندين للقوات المسلحة.
ووسط كل هذا اللهيب والدمار والمصير المجهول لبلاد أحرقها التآمر، التقيتهم بمرارات الحزن والوجع والقلق على وطن يخافون أن يضيع.
ثقتي في أُسطورة الإنسان السوداني الذي واجه الظروف في أعتى درجات قسوتها جعلني استمع لحكاياتهم مع يوميات الحرب وطريقة تعاملهم مع تفاصيل اندلاعها منذ البداية، حيث كان التداعي معهم في هذه المساحة التي تتفقد أحوال نجوم في “السياسة، والفن، والأدب والرياضة”، فكانت حصيلةً من الاعترافات بين الأمل والرجاء ومحاولات الإبحار في دروبٍ ومساراتٍ جديدة.
وضيف مساحتنا لهذا اليوم هو رئيس تحرير صحيفة (الدار) مبارك البلال الطيب، فإلى تفاصيل ما دار بالحوار:
أين كنت أول يوم الحرب؟
كنت في منزلي بشمبات.
كيف علمت بنبأ اندلاع الحرب؟
كإعلاميين كنا نتابع التوترات الجارية بين الجيش والميليشيا، وفي الصباح الباكر صحوت على اصوات الضرب واتصلت بي إذاعة (روسيا اليوم) وكانوا يسألونني أسئلةً غريبةً.
ثم ماذا؟
داهموا منزلي بكتائب كاملة وثلاث تاتشرات في اليوم الأول، حيث كان منزلي أول المقار السكنية التي احتلت، وذلك لغرض نصب مضاداتٍ للطيران، وكان يقود هذه الكتيبة التي احتلت منزلي أحمد أبو شنب وهو قائد كبير وكذلك كوشيب المتمرد الذي قتل قبل ثلاثة أسابيع.
كيف مر اليوم الأول وأنت في هذا الوضع؟
كان يومًا عصيبًا، حيث دار صدامٌ عجيب بين الجيش والميليشيا، والأخيرة ارتكزت بالشجر الذي يغطي منزلي، لدرجة أنّ كل الأبواب والشبابيك تساقطت، وكان الرصاص يدخل لنا بصورة مكثفة، ويشهد على ذلك أخي الأستاذ الكبير عاصم البلال، حيث أنّنا جمعنا في يومٍ واحدٍ جوالًا كبيرًا من الذخائر الفارغة، وكذلك أول دانة سقطت بمنزلي.
اليوم الثاني؟
استمر الوضع أكثر تعقيدًا، وكانت الميليشيا متقدمةً في تلك اللحظات، وكانوا ينصبون ارتكازاتٍ بين كل لحظةٍ والثانية، حيث نصبوا أمام منزلي ارتكازًا لحظر التجوال.
كانوا قاعدين في البيت؟
نعم.. كان قاداتهم ينومون في بيتي، ويوميًا ينحرون “خروفيْن” في المنزل، والتحلية شوكولاتة فاخرة اتضح لاحقًا أنّها منشطاتٍ لهم، اكتشفت ذلك حينما زارني شقيقي الفريق شرطة ياسر البلال وهم لا يعلمون أنّه شرطي، وشاهد كمية هذه الشوكولاتة وقال هذه منشطات.
أيامٌ عصيبة؟
عصيبةً جدًا “مش كفاية”، قاعدين معاي في البيت.
كم مكثت في منزلك وهم معك؟
45 يومًا أقاموا بمنزلي وكانوا يتبادلون، وبعد ذلك غادرت الكتيبة المنزل ولكنهم كانوا يعودون بين الحين والآخر لتخزين مسروقاتهم، وأنا لا اعترض على ذلك.
لماذا؟
(دي قوة مسلحة أعمل شنو يعني)، ومن ضمن المسروقات سيخ وزنك بكميات كبيرة، وكان معي في تلك اللحظات الجراح الشهير ببحري علي سيد أحمد، واتضح أنّ كوشيب المتمرد كان بحب “ست شاي” في السوق المركزي، والسيخ والزنك (ودوه ليها في “السامراب” وبعداك عرسها).
متى غادرت بحري؟
بعد 6 أشهرٍ من شمبات للسامراب، والتي مكثت فيها ثلاثة أشهرٍ، ثم شندي ومنها عطبرة ثم القاهرة.
رفقة الأُسرة؟
لا.. أخليتُ الأُسرة منذ اليوم الأول للحرب، ومن احتلوا منزلي سمحو لي أن أُخليهم.
مأساة عايشتها الحرب؟
أسوأُ مأساةٍ عايشتها مقتل جاري المريض نفسيًا بالسوق المركزي، اسمه عمر، وهو مريض نفسي له 6 سنوات وأبكم، حيث قتلته الميليشيا ظنًا منها أنّه استخبارات، وتمت تصفيته بالقرب من منزلي وأطلقوا عليه وابلًا من الرصاص في فمه، كان منظرًا مروعًا جدًا.
هؤلاء ليسوا بشرًا؟
(بشر شنو، ديل وحوش).
انطباعك عنهم حينما كانوا معك في المنزل؟
(أي حاجة سيئة في البشر دي فيهم).
مشهد عالق في الذاكرة؟
مقتل 3 أشخاصٍ وبقيت جثثهم أمام المنزل لثلاثة أشهرٍ، وأحد المقتولين عسكري من نيالا تابع للجيش، قُتل داخل تاتشر أمام منزلي، سبحان الله الجثمان ظل لثلاثة أشهرٍ لم يتحلل ولم يتعفن، (يعني زول ما بنعرفو لكن صالح).
وكيف قبروهم؟
مجموعة شباب من دارفور بعد ثلاثة أشهرٍ قالوا إنّهم يقومون بستر الجثامين حبث اعترضت الميليشيا ولكن في الآخر وافقوا وتم ستر الجثث.
يوميات الحرب؟
مني أركو مناوي قبل الحرب قال في تصريحات: (الحرب كعب ما بتعرفوه)، وكنا نضحك في كلامه، لكن بعد قامت عرفنا معنى كلامه.
هل من فوائد للحرب؟
الحرب وضحت الخبيث من الطيب (الجيران)، وهي (حتصفي ناس كتار جدًا وحتبين كل حاجة).
هل اقترب منك الموت؟
10 مايو حينما قصف الطيران المنزل لضرب الميليشيا، وأذكر أنّ أخي أحمد البلال الطيب كان دائمًا يطلب مني المغادرة خوفًا من الطيران الذي يستهدف أهداف التمرد، وفي يوم 9 مايو سحبت الميليشيا عرباتها وتاتشراتها وغادروا بدون أن يتحدثوا، وفي اليوم التالي ضربت (السوخوي) منزلي ظنًا منهم أنّهم لا زالوا موجودين، لكن الله ستر الحمد لله.
بعد أن غادرت البلاد، ما مصير منزلك؟
منزلي نُهب بالكامل، حيث أنّه مكون من 5 شقق، وبكل أسف من سرقوه هم بعض الجيران المتعاونين مع الميليشيا والسرقة مصورة عبر كاميرا في إحدى المنازل بالقرب من منزلي، وبعد أن غادرت وردني أنّ بيتي تحول لمعتقل من المعتقلات الشهيرة بشمبات.
عايشت أيامًا صعبة؟
نعم لكن كل شيءٍ بأمر الله.