رأي ومقالات

الآن مجتمع الجنجويد يمنّي نفسه بقرب إنتهاء الحرب

‏في بداية الحرب كان الشعب السوداني يقاتل بأيدي مرتعشة و قلب مهزوز. عينه على إيقاف الحرب و نفسه تتبع الأماني الباطلة بالعودة السهلة الى البيوت و المدن دون أية تضحيات مؤلمة. هذا التمادي في ذهول البدايات و الإستسلام الى وضع الغشاوة التي حجبت عنّا الحقائق و شغلتنا بسرديات “حرب بين جنرالين” و “من أطلق الرصاصة الأولى” ، كل ذلك كلّفنا مزيداً من التشرد و كسر القلوب و إنتهاك الكرامة.

الآن يمنّي مجتمع الجنجويد نفسه بقرب إنتهاء الحرب ، ترتفع الهمسات بين حواضنهم من الشباب والقبائل والنظار والسياسيين و المرتزقة بأنهم سيقطفون ثمار حربهم خلال وقتٍ قصيرٍ انتظارا لسلام قد يتم فرضه على الجيش وعلى الشعب . وأنهم مهما أُرهقوا و تعبوا فقد اقترب وقت الإستمتاع بالثروة المنهوبة والأموال الطائلة . و أن كل المطلوب الآن منهم هو الصبر لأيام قليلة ثم يأتي السلام و تعظم المكافأة و يحصلون على صك البراءة من الجرائم.
يبدو أن الآية قد إنقلبت و الأدوار تبدلت ، فالذي كان يمني نفسه بالسلام قد حمل السلاح و عزم على الإنتقام حتى لو طارد قاتليه في القرى و النجوع و وراء الحدود. بينما إنتقل القاتل منتظرا للسلام دون عدالة و لا محاسبة ، فهذه من جنس الأماني الباطلة التي توقع الناس في الهزيمة. الآن ما يحثهم على القتال : هو الصمود حتى يأتي السلام الإجباري ! لكن إستمرار تساقط القادة و القصف العنيف سيجعلهم يفكرون في جدية الذي وعدهم بالسلام و قدرته.

لقد بدأنا هذه الحرب و نحن نحلم فتشردنا ، و هم سيشهدون ختامها و هم يحلمون. و الحلم هنا قسيم الهزيمة و الإنكسار.

عمار عباس