رأي ومقالات

الحرب ستقف عندما يسترد المواطن السوداني بيته وكرامته

من ‏أهم ما قاله حاكم دارفور أركو مناوي في مقابلته في قناة الجزيرة مع أحمد طه قبل أيام ، تقليله من ثأثير ما وصّت به لجنة تقصي الحقائق بنشر قوات محايدة للفصل بين الأطراف المتنازعة في السودان ، الشيء الذي وجد ترحيبا من المليشيا و ذراعها السياسي بأنه الحل الذي يُبقيهم في المشهد في ظل “تعنت” قادة القوات المسلحة و رفضهم للتصالح مع المليشيا و إعادتها كشريكة في حكم البلاد.

محاولة إقناع المواطن أن السلام سيأتي مع القوات الدولية هو مجرد سراب كاذب آخر ، فقد قال مناوي ( أن الأمم المتحدة نشرت 50,000 عسكري في دارفور و لسنوات عدة فيما عُرف ببعثة اليوناميد ، لكنها أخفقت في إيقاف القتال كما عجزت عن حماية المواطن و عن إعادة النازحين من المعسكرات إلى قراهم ).

وإذا نظرنا في تاريخ البعثات الدولية في دارفور فقد بدأت بعد عام واحد من إنفجار حرب دارفور في العام 2003 . حيث نشر الاتحاد الأفريقي بعثة عسكرية في العام 2004 ، و لما عجزت بعثة الاتحاد الأفريقي عن فعل أي شيء تم ترفيعها الى بعثة مشتركة من الأمم المتحدة بداية من 2007 مما عرف “بالهجين” ، حيث بدأت أكبر بعثة للأمم المتحدة في تاريخ الحروب في دارفور في العام 2007 إلى نهاية ديسمبر 2020. و كانت مفوضة بالمبادرة بإطلاق النار لحماية المدنيين. لكن لم يكن لها أثر كبير على الصراع في دارفور . بل قويت قوات الجنجويد وتمت شرعنتها و تدفق لها السلاح و اللوجستيات كما سيطرت على كثير من والأراضي و القرى و مناجم الذهب في دارفور . كانت اليوناميد فشلا واضحا للمجتمع الدولي و خذلاناً لمواطن دارفور الذى عانى من سياسات النظام الحاكم و تحكّمات الحركات المتمردة.

و دخلت البعثة أسوا فصولها عندما من طالبت إدارة ترمب بإنهاء بعثة الأمم المتحدة للسودان في النصف الأول من عام 2017 نسبة لضخامة الميزانية المدفوعة و محاولة الولايات المتحدة تقليل إلتزاماتها الدولية في ولاية ترمب : أمريكا أولاً. و طالبت بتخفيضها وصولا الى سحبها نهائياً في 31 ديسمبر 2020 .

فالمجتمع الدولي شاهد جنين الجنجويد ينمو منذ 2004 وصولا الى ذروة قوته و إنقلابه على البشير في نهاية عام 2020. و خرجت هذه القوات من دارفور فقط ليتم محاولة استدعائها الآن و نشرها في كامل التراب السوداني بعد سنوات قليلة.

و يتم الآن دعوة مجتمع دولي يبدو أكثر إنشغالا و انقساما و تقشفاً من مثيله في 2004 .
إن الذي تسوّق له قحت و تبشر به و تدعو له من نشر القوات الدولية ؛ لن يبدو صعباً و مكررا فقط، بل سيعجز عن تحقيق أهدافه في إيقاف الحرب لصالح حماية أحد أطرافها و تمكينه من لقط الأنفاس و إعلان الدولة أو إدارات مدنية ذات وجود و تأثير على الأرض ، كما دعت قحت و اتفقت في ذلك مع مليشيا الدعم السريع . فالحرب ستقف عندما يسترد المواطن السوداني بيته و كرامته ، و حتى ذاك الوقت ، يجب على السياسيين المعارضين للحرب دعوة المليشيا الى الخروج من بيوت المدنيين بدلاً من إحضار قوات دولية لتمكينها على البقاء فيها .

عمار عباس