حوارات ولقاءات

إسحاق فضل الله: (..) هؤلاء فكروا فى بيع جثتي للإمارات وخرجت من العيلفون على متن “درداقة”

(نجوم في الحرب)
سلسلة حوارات يجريها:
محمد جمال قندول
الكاتب الصحفي إسحاق أحمد فضل الله لـ(الكرامة):
(…..) هؤلاء فكروا فى بيع جثتي للإمارات…
خرجت من العيلفون على متن “درداقة”
المخابرات السعودية حاولت فى استدراجي بهذه الطريقة(…….)
هاجمني 3 من الميليشيا بالرشاشات وهذا ما حدث ……
“تقدم” شعبيًا انتهت
فقدت مكتبتي التي كنت أجمع فيها 50 عامًا
لما رأيتُ الجنجويد عرفت معنى الآية (….)
ربما وضعتهم الأقدار في قلب النيران، أو جعلتهم يبتعدون عنها بأجسادهم بعد اندلاع الحرب، ولكنّ قلوبهم وعقولهم ظلت معلقةً بالوطن ومسار المعركة الميدانية، يقاتلون أو يفكرون ويخططون ويبدعون مساندين للقوات المسلحة.
ووسط كل هذا اللهيب والدمار والمصير المجهول لبلاد أحرقها التآمر، التقيتهم بمرارات الحزن والوجع والقلق على وطن يخافون أن يضيع.
ثقتي في أُسطورة الإنسان السوداني الذي واجه الظروف في أعتى درجات قسوتها جعلني استمع لحكاياتهم مع يوميات الحرب وطريقة تعاملهم مع تفاصيل اندلاعها منذ البداية، حيث كان التداعي معهم في هذه المساحة التي تتفقد أحوال نجوم في “السياسة، والفن، والأدب والرياضة”، فكانت حصيلةً من الاعترافات بين الأمل والرجاء ومحاولات الإبحار في دروبٍ ومساراتٍ جديدة.
ضيف مساحتنا لهذا اليوم هو الكاتب الصحفي إسحاق أحمد فضل الله، الذي كان مُريضا وأخرجه صديقه من منطقة العيلفون على متن “درداقة”:
أين كنت اليوم الأول؟
كنت في المنزل مريضا وخرجت.
لحظة اندلاع الحرب؟
من قبل الحرب بأسبوعين بدأوا انتشارًا كثيفًا في مناطق شرق النيل، وبالتالي لم أتفاجأ أبدًا باندلاع هذه الحرب، ولكن لم يكن الناس يتخيلون كل هذا العدد والسلاح الذي لديهم، فهم مائة مرة ضعف ما كان يتصوره الناس.
كيف علمت بنبأ الحرب؟
كانوا جاهزين و”خشوا” علينا بالرشاشات.
متى غادرت العيلفون؟
ثاني يوم مباشرة.
كيف غادرتها؟
كما ذكرت لك كنت مريضا وغادرت على متن “درداقة”، حيث أقلني صديق عبرها وأخرجني من العيلفون.
أين كانت الوجهة؟
مشينا الحصاحيصا.
كم مكثت في الحصاحيصا؟
شهرانِ.
ثم ماذا؟
جينا كسلا.
الحرب طالت؟
طالت لأنّ الإمارات فوجئت هي والميليشيا بعكس ما توقعوه بوجود جيش قوي وصلب أحبط المؤامرة، حتى أمريكا نفسها أوهمت الإمارات والتمرد بأن يوقعوا في جدة لأنهم (بعد شوية ما حيلقوا الجيش ذاتو)، ولكنّ الجيش كان قويًا ومازال يدافع عن الوطن وسينجح في مبتغاه.
ماذا خسرت في الحرب؟
الحمد لله ما خسرنا أرواحًا لكن خسرنا البيت و”الموبايلات” لكن ما في قروش ذاتو يسرقوها.
عادة فقدتها مع الحرب؟
مكتبتي التي أجمع فيها منذ 50 عامًا.
مأساة عايشتها أيام الحرب؟
حجم المأساة التي أصابت البلاد والعباد لا يستطيع حتى المؤرخين تدوينها، لأنّه (إذا في مليون نازح أو لاجئ معناها دي براها مليون قصة معاناة).
الموت هل أقترب منك؟
الموت اقترب مني “زمان، وهسي وكتير”، عادي أنا والموت “بقينا أكتر من قرايب”، لكنّ الأجل ما تمّ.
تفاصيل اليوم الأول؟
القصف من اليوم الأول دمر محول الكهرباء الذي يقع بالقرب من منزلي، وفي ذات اليوم دخل عليّ 3 من الميليشيا وهم مدججون بالسلاح ولكنّ الأجل ما تمّ.
يعني خلوك؟
كان همهم يطلعوا الناس من البيوت “الزمن داك”.
ما عرفوا هُويتك؟
لم يعلموا، ولكن بعد أسبوعٍ جاءوا يفتشوا عني بالاسم في العيلفون.
قراءتُك للمشهد على ضوء المتغيرات التي تطرأ بين الحين والآخر؟
لو في اليوم في 40 هجومًا بمناطق مختلفة بتلقى 37 للجيش، (الناس ديل منسحبين بشكل عجيب وشوية شوية ما حيقدروا يتحركوا) ، اليوم الثلاثاء، ومثلًا في آخر هجوم والطيران الآن مرتاح جدًا، و(يحاولوا يدخلوا أسلحة، والسعودية رسلت دعم للجنجويد الكنا بندافع عنها أمام الحوثي) .
أيامٌ صعبة؟
(أنا بعرف حاجة واحدة بس الناس لازم يصدقوا ربهم، الآن أي زول يقول أنا مسلم، لكن عمليًا يكذبون ربهم ويقول صدق الله العظيم بلسانه ولكن عمليًا يكذبون القرآن، والله الناس ما مصدقين الله يصدقوا إسحاق أحمد فضل الله).
ما يجري ابتلاءات؟
ما يحدث الآن أنّ الله يريد إرجاع السودانيين لدينهم.
“السودانيون” هل فقدوا الثقة في النخب والقوى السياسية؟
(هسي” ما في سيرة لها على الإطلاق، واللذيذ الكان بشتموا الكيزان “هسي ما لقوا غير الكيزان والجيش البدافعوا عن البلد، العندو جهة تانية يورينا).
الكتابة أيام الحرب؟
كل يوم يومين بكتب في “الواتس”، ولكن فقدنا ورق الجرائد ما في جرائد.
هل سيعود الوطن قريبًا؟
نعم سيعود قريبًا جدًا، لأنّ طبيعة الحرب التي تدور الآن تتميز بالحسم والإبادة.
مجموعة “تقدم”؟
نعم شعبيًا انتهت، وحتى الدول التي كانت تدعمهم نفضت أياديها منهم، لأنها اكتشفت بأنّهم بلا قيمةٍ أو تأثير.
هل تعرضت للتهديد والوعيد في هذه الحرب؟
“الخلايا” كانوا قد فكروا فى أن يبيعوا جثمان إسحاق أحمد فضل الله للإمارات، لكن كثيرًا من إخواننا شكلوا لي حمايةً، (واحد من أصدقائي في مخابرات السعودية ما عارف دفعوا له ليعمل لي دعوة للسعودية وطلع الجواز وكل التكاليف قام بها، واكتشفت لاحقًا أنها شرك لاستدراجي للمخابرات السعودية).
ألم تفكر في مغادرة البلاد؟
أبدًا.. وأنا آخر من يغلق الباب (لمن الناس يطلعوا كلهم).
هذه حربٌ مختلفة؟
بكل ما فيها.
عاصرت حرب الجنوب ثم هذه التجربة الآن؟
ما عرفت معنى الآية (ثم رددناه أسفل سافلين) إلّا لما رأيتُ الجنجويد، وحرب الجنوب كانت أخفّ قدرًا بما لا يقاس.