رأي ومقالات

د. عباس شراقي: مصر هبة النيل والمصريين والسد العالى

للمرة الثانية فى التاريخ عيد وفاء النيل بدون فيضان
السد العالى جعل أيام السنة كلها أعياد لوفاء النيل
مصر هبة النيل والمصريين والسد العالى
عيد وفاء النيل 15 أغسطس من أقدم الأعياد الرسمية فى العالم حيث يرجع إلى ماقبل العصر المصري القديم منذ أكثر من سبعة الآف عام، ويرجع عمر نهر النيل جيولوجيا إلى حوالى 20 مليون سنة وكان داخل مصر فقط ويجمع الأنهار من جبال البحر الأحمر مثل وادى قنا ووادى الأسيوطى والحمامات ووادى العلاقى، وأخذ شكله الحالى منذ حوالى 6 مليون سنة، حيث ينبع من المنطقة الاستوائية (بحيرة فيكتوريا) والتى تساهم بحوالى 15% من الايراد السنوى، والهضبة الاثيوبية (85%) منها 60% من النيل الأزرق الذى يقام عليه سد النهضة.

أشهر السنة كلها إيراد للنيل مقسمة ثلاثة مواسم رئيسية، اثنان فى المنطقة الاستوائية بمساهمة 15% فى إيراد النيل السنوى الأول سبتمبر – ديسمبر ، والثانى مارس – يونيو، والثالث على الهضبة الإثيوبية يوليو – سبتمبر ويساهم بحوالى 85% من إيراد النيل، المياه الاستوائية (15%) تاتى بانتظام على مدار العام بعد بناء سد أوين على بحيرة فيكتوريا 1955، بينما المياه الاثيوبية (85%) يأتى معظمها إلى مصر نهاية يوليو حتى نهاية نوفمبر، وعند وصولها يرتفع منسوب النيل ويتأكد ذلك فى منتصف أغسطس الذى اتخذه المصريون القدماء للاحتفال بالحدث المهيب بوصول المياه بعد تعطش لشهور عديدة.

السد العالى (1960 – 1970) عمل على تخزين المياه فى بحيرة ناصر وصرفها بانتظام على مدار العام طبقا للاحتياجات خاصة الزراعية، وبالتالى أصبح وصول الفيضان خاص ببحيرة ناصر وليس بالنيل، وأصبحت مقايس النيل أثارًا تاريخية لعدم أهميتها بعد السد العالى، واصبح يوم 15 أغسطس رمزا لمكانة النيل بالنسبة لمصر بعدما كان احتفالًا مهيبا للحدث الجلل بوصول المياه بعد تعطش لشهور عديدة.

سد النهضة بدأ تخزين المياه يوليو 2020 بكميات قليلة ، إزدادت فى يوليو 2023 إلى حوالى 50% من إيراد النيل الأزرق وهو المصدر الأول لايراد النيل فى أغسطس، وبالتالى لم يصل الفيضان إلى بحيرة ناصر فى موعده لأول مرة فى التاريخ، وسوف يتكرر ذلك هذا العام أيضا بسبب التخزين الخامس الذى بدا 17 يوليو الماضى ويستمر حتى الاسبوع الثانى من سبتمبر القادم، والسنوات القادمة أيضا لأن مياه النيل الأزرق سوف تأتى بانتظام على مدار العام كما حدث فى مياه بحيرة فيكتوريا.

السد العالى سوف يظل حصن الأمن المائى الأول للمواطن المصرى، ويوفر المياه فى جميع أوقات السنة بمنظومة عالية هى المسئولة عن مصر الحديثة وحق القول “مصر هبة النيل والمصريين والسد العالى”

شكرا الرئيس جمال عبد الناصر، شكرا بناة السد العالى، شكرا أهلنا فى النوبة الذين ضحوا بأرضهم وبيوتهم، شكرا روسيا على تعاونها معنا فى بناء السد العالى، شكرا لكل الشعب المصرى الذى عانى على مدار 15 سنة 1956 – 1970 لبناء السد العالى.
كل عام والشعب المصرى بخير وعزة وكرامة

د. عباس شراقي