البرهان لديه خبرة في صفع أمريكا، وأتوقع أن يعيدها مرة أخرى

أنا متفاءل باجتهاد الأمريكان لمفاوضات جنيف وبتجاوب الحكومة السودانية حتى الآن مع المساعي الأمريكية وبالأخبار التي تتكلم عن لقاء البرهان بوزير الخارجية الأمريكية، وذلك لأنه يذكرني بزيارة مبعوث أمريكا للقرن الأفريقي الذي اجتمع بالبرهان يوم 24 أكتوبر 2021 والذي قبل أن تغادر طائرته الأجواء السودانية كان الجيش قد بدأ في اعتقال القحاتة وتنفيذ انقلاب 25 أكتوبر، بسرعة أذهلت قيادة الدعم السريع حينها وأرعبتهم ربما أكثر من القحاتة.

البرهان لديه خبرة في صفع أمريكا، وأتوقع أن يعيدها مرة أخرى وبدلا من توقيع اتفاق مع المليشيا وحلفاءها، توجيه الضربة التي انتظرناها طويلا للمليشيا.

بالنسبة للمفاوضات عموما، كل من من ليس معنا في فهو ضدنا. ولا توجد منطقة وسطى. المليشيا شنت عدوان إجرامي على الشعب السوداني كله، ولا يمكنك توصيف حربها ضد الدولة والشعب على أنها حرب بين طرفين يمكن حلها بالتفاوض بين طرفين إلا إذا كنت متواطئا معها بشكل ما. لا يوجد تفاوض بين الدولة والمجموعات الإرهابية في أي مكان في العالم.
وأمريكا إذا كانت جادة في وقف الحرب في السودان لكانت تدخلت وأوقفت تدفق السلاح للمليشيا ووقفت بوضوح مع الدولة ومع الشعب السوداني ولم تحاول المساواة بين الدولة والمليشيا وجر الجيش للتفاوض معها لإكسابها شرعية. أمريكا عبارة عن عدو، قولا واحدا. ولن يأتي منها أي خير.

مفهوم أن تتعامل الحكومة مع الدعوة الأمريكية للتفاوض لتحقيق بعض المكاسب السياسية، ولكن ليس أكثر من ذلك؛ تتكلم الحكومة مع أمريكا كحومة، ترسخ شرعيتها مقابل المليشيا، تطرح رؤيتها للحل والتي تتضمن بالضرورة وضع الأمور في نصابها، بتوصيف الحرب بشكل صحيح كتمرد على الدولة وحرب على الشعب، تطرح رؤيتها وشروطها والتي تتضمن استسلام المليشيا وتحملها تبعات الجرائم التي ارتكبتها ضد الدولة والشعب والتي على أمريكا أن تتجاوب معها وتتبناها إن كانت جادة في تحقيق السلام في السودان وهو ما لن يحدث على الأرجح، ثم تفشل جنيف وتواصل الطاحونة عملها حتى القضاء على المليشيا أو استسلامها.

حليم عباس

Exit mobile version