محمد يونس رئيس حكومة بنغلاديش الجديد لم يفز بجائزة نوبل في الاقتصاد:
محمد يونس على الأخبار هذه الأيام منذ تعيينه لقيادة حكومة ما بعد الشيخة حسينة في بنغلاديش.
يعتقد كثيرون أن محمد يونس فاز بجائزة نوبل في الاقتصاد لكن هذا ليس صحيحًا. وربما كان سبب هذا الخلط أن محمد يحمل درجة الدكتوراة في الاقتصاد من جامعة فاندربيلت في أمريكا وإنه حصل علي جائزة نوبل في عام 2006 لريادته، منذ عام 1976، في محاربة الفقر عن طريق توفير “التمويل الأصغر”.
ولكن لجنة نوبل منحت الرجل جائزة نوبل للسلام في عام 2006 ، وليس في الاقتصاد.
جائزة نوبل في الاقتصاد تُمنح عادةً عن مساهمة رئيسية للنظرية الاقتصادية، وليس لعمل إمبريقى أو تطبيقات سياساتيةً. في عام 2006 فاز الأمريكي إدموند فيلبس بجائزة نوبل في الاقتصاد لتنظيره عن المقايضات الزمنية في سياسات الاقتصاد الكلي، وخاصة فيما يتعلق بالتضخم والأجور والبطالة.
وفي نفس العام – 2006 – منحت لجنة نوبل محمد يونس جائزة السلام لريادته في مجال التمويل الأصغر الذي يوفر قروضًا صغيرة بشروط تجارية لذوي الدخل المنخفض، وخاصة النساء.
رغم أن فكرة التمويل الأصغر كانت معروفة منذ أكثر من مئتي عام ، إلا أن يونس أعاد بعثها وطور الائتمان الصغير لمكافحة الفقر في بنغلاديش وانتشرت الفكرة بعد ذلك في عشرات الدول الفقيرة واحيانا الدول الغنية.
وواصل يونس كفاحه ضد الفقر إذ إستخدم جزءا من مال الجائزة لإنشاء شركة لإنتاج أغذية منخفضة التكلفة وعالية القيمة الغذائية للفقراء؛ وتاسيس جامعة يونس للعلوم والتكنولوجيا في بلدته وإنشاء مستشفى عيون لعلاج الفقراء في بنغلاديش.
تكمن حجة الائتمان الصغير – القروض الصغيرة – في القول بضرورة توفير راسمال للفقراء الذين لا يمكنهم الحصول علي قروض من البنوك التجارية لافتقارهم إلى الضمانات والدخل المنتظم الثابت وتاريخ ائتماني يمكن التحقق منه ونقص التعليم اللازم لملء الورق واستكمال المستندات المطلوبة للحصول على قروض تقليدية.
رغم حصول ملايين من الفقراء حول العالم علي قروض صغيرة ونجاح التمويل الأصغر في مساعدة بعض الفقراء هنا وهناك علي الخروج من دائرة الفقر إلا أنه لا يوجد دليل علي أنه أداة فعالة لمحاربة الفقر علي نطاق واسع.
مشكلة الفكرة، من الناحية النظرية، إفتراضها الضمني أن الفقر سببه صعوبة وصول الفقراء إلي راسمال حتي لو كان متناهي الصغر لا يبلغ مئة دولار. وهذا يعني أن كل الفقير يملك حس ريادة الأعمال وكل ما ينقصه هو راس المال ولا توجد أسباب هيكلية في بنية نمط الإنتاج الراسمالي، في نسخته النيولبرالية المعولمة، تولد الفقر من ناحية كمعادل طبيعي لتركز الثروة مع قلة من الأثرياء في القطب الإجتماعي الاخر – وهذه مغالطة.
يقول بعض الخبراء بعدم وجود تأثير إيجابي للتمويل الأصغر على تعزيز وضع النساء وتخفيف حدة الفقر، وفي النهاية فان التمويل الأصغر يخصخص عملية محاربة الفقر وينقل المسؤلية عن ذلك من الدولة إلي الفقير وبنك تمويل أصغر يموله أو يساهم في تمويله محسنون من الخارج عادة أو من الداخل.
وربما في هذا أحد أسباب القبول الواسع لفكرة التمويل الأصغر وتبنيها حول العالم – لانها تخصخص محاربة الفقر وتذهل عن أسبابه الهيكلية وقضايا توزيع الدخل وازدياد درجات عدم المساواة الأقتصادية كنتيجة حتمية مزروعة في الحمض النووي للنظام الراسمالي كما أوضح توماس بيكيتى في كتاب “رأس المال في القرن الحادي والعشرين” إستنادا علي النموذج الرياضي للإقتصاد النيوكلاسيكي المعتمد داخل التيار الرئيسي السائد في علم الأقتصاد والذي يدرس تقريبا في كل جامعات الغرب.
من جماليات فكرة التمويل الأصغر الكيوت إنها تتناول قضية الفقر من زاوية لا تعكر صفو الأغنياء ومراكز القوي في العالم لا من ناحية نظرية ولا من ناحية عملية. وكلنا أخوان.
حسب علمي، كانت هناك وحدة تمويل أصغر في بنك السودان، لا أدري ماذا فعلت وما هي إنجازاتها ومساهماتها ومشاكلها. أتمني أن يتحفنا من يعرف بشيء عنها.
معتصم اقرع