زينب: دخلوا برندة منزلنا أكثر من ثلاثين شخصا مسلحا من الدعم السريع

في مثل هذا اليوم قبل عشرة أعوام غادرنا بجسده إلى دار البقاء (الأخ )عبد الحليم عبد الله دفع الله.مخمد (كما يعرف نفسه)…كنت أتضايق اذا كتب لي( الاخت) واحيانا يكتب بعدها العزيزة وغيرها اذا كان خارج البلاد…

لا أقول لقد عشنا حياة رومانسية خالية من المشاكل ولكن بعد كل هذه السنوات اقول لقد عشنا حياة صادقة يسودها الاحترام..ما كنت اعلم لقرابة ثلاثين عاما ان الأزواج يكذبون.على بعضكم..زميلتي كانت تلبس(غويشة)جميلة من الذهب..قالت لي انها خدعت زوجها بأنها ليست ذهبا..قلت لها لم أشتري شيئا قيما في غير وجود عبد الحليم …نظرت الي نظرة يمكن تفسيرها(هذا غباء ) .
بعد هذه السنوات العشر فهمت ماذا كانت تعني له كلمة أخت.

كان اذا اقترض مني مبلغا يصر على على كتابته و الإشهادوانا لا أرى ضرورة لذلك ولكنه يذكر الموت حتى قلت له يوما(انى قد عفوت عنك عفوا كاملا عن كل شيء ) .

في العام١٩٩٣م زاره اخوان له وبقيا حتى قبيل الفجر..في الصباح أخبرني أنهما قد طلبا منه الانضمام لهما لإنشاء نواة للنهوض بتصنيع السلاح..قلت له(مالك وتصنيع السلاح..سجل للدكتوراة في الهندسة)قال (هذا العمل ساقبله جهادا مني في سبيل الله)قلت ان كان ذلك فهذا امتثال لأمر الله.

العجيب أن أحد الرجلين الذين زاراه قد استشهد قبل عشرة أيام….الأخ المهندس جمال ..تقبله الله…وكان عبدالحليم بعد ذلك بسنوات قد انضم الي مؤسسي حزب المؤتمر الشعبي واعتقل عدة مرات دافع عنه في كل منها اخواه (زائرا الليل)فإذا أطلق سراحه أتى معه جمال إلى منزلنا…ذهبت إلى الحج في عام ٢٠٠١م واعتقل عبد الحليم في غيابي وحضر لزيارتي جمال قلت له(اها يا الشريف قالوا ان قانون الهيئة قد تم تعديله بأن الغيت كل صلاحيات عبدالحليم..قال نعم (تعديل رقم ٩؟؟؟) قلت له (سيزحلقونه بعد فترة..وانت أيضا )قال انا؟؟؟قلت نعم لان المرحلة اختلفت وبعد فترة تم ذلك ولكن بطريقة(ظريفة)إذ تم تعيينه وزيرا للدولة بوزارة التكنولوجيا فلم يذهب لأداء القسم وبعد اتصالات أدى القسم وبعدها تقدم باستقالته وتفرغ لأعماله الخاصة بكفاءة وخبرة.

الغريبة ان عبد الحليم ..الذي أفرغ منصبه الإداري من محتواه تماما..وأصبح يخاطب بالمهندس فقط..وتم نقله الى وظائف تقل عن درجته كثيرا لم يتقدم باستقالته.. عين مديرا لمكتب الهيئة في الصين(ثقة في كفاءته ونزاهته من جهة و حماية له من الاعتقال)أخبرني بذلك وشاورني وكان رأي ان يقبل.. وهو يعترض يقول(مسؤولين المكاتب ديل انا كنت اعينهم)اقول بواقعية ذاك زمن قد ذهب و الآن انت معارض ثم يختم النقاش بان اطلب منه ان يستخير ويستشيروقد فعل وذهب وتعلم اللغة الصينية.

كان قد بدأ بناء منزلنا قبل سنوات من سفره للصين وقد اتفقنا ان ينفق كل مرتبه على الأعمال الخرسانية..فكان يرسل جل المرتب لاخوين له يشرفنا على البناء بلا مقابل هما الأخ المهندس بلة بشير والمهندس هشام توفيق وكانت خرط المنزل قد رسمت وروجعت بمكتب المهندس احمد سليمان(المعماريون المتحدون )الا مبالغ بسيطة يدفعها للرسيميين…جزا الله كل هؤلاء الاخوة خير الجزاء وبارك في أعمارهم وأموالهم وأبنائهم…
حضر من الصين وكان يعامل كشخص غير مرغوب فيه ينقل من الرئاسة إلى اليرموك إلى شركة جديدة ثم إلى أخرى تابعة لليرموك كان قد أجرى المعاينة لمدرائها ….وانا اطلب منه ان يستقيل لان استمراره يعرضه لكثير من الضغط والإحباط ولكنه يرفض ويقول(انا جندي مرابط في سبيل الله ولا ابارح حتى يستغنوا عني)

من الغرائب أنه حين تكون هناك مفاوضات مع الصينيين..كان الوفد الصينى يطالب بحضوره يستدعى فيذهب يشارك بفعالية…ولكن المسؤولون الذين أعياهم صبره الجميل اعفوه في العام ٢٠١٠م فتحمل بصبر.وجلد وعمل مستشارا هندسيا لبرنامج رفع القدرات بمنظمة الأغذية والزراعة العالمية لسنوات..مما مكننا من إكمال منزلنا تقريبا معظم الطابق الثالث الذي يسميه(طابق الفاو).وكان يعمل مستشارا للشركات ومشرفا على بناء عدد كبير من بيوت أهله وأصدقائه وكنت ادعمه بمواردي.. ورأي

بدأت الحرب وبعد شهر وقد غادر معظم جيراننا وانا وابني مقيمون في منزلنا… لا نحسب ان لنا أهمية تحرض الغزاة علينا وفي ليلة السابع عشر من مايو وقد كانوا دخلوا أحد منازل جيراننا و ابني يعلم ولكنه لم يخبرني..كان يتركني بالطابق الاسفل ويبقى بالأعلى مساهرا طوال الليل…في تلك الليلة تسوروا حائط منزلنا وشرعوا في كسر باب خارجي يؤدي للطابق العلوي الذي كنا نعده للايجار.

اتصلت ابنتي عند منتصف الليل من الخارج…قلت لها اني اسمع صوت رصاص من السقف..كان ذلك ابنى الذي أطلق رصاصات من بندقية والده من غير ان يصيبهم….فلاذوا بالفرار ولكنهم عادوا بعدد كبير ودخلوا برندة منزلنا أكثر من ثلاثين شخصا مسلحا من الدعم السريع يطالبون (بالقناص )الذي ضربهم من سقف المنزل..حين دخلوا الهمني الله ان أبدأ في الصلاة وقد فعلت وهم يروحون جيئة وذهاب وقد احاطني الله بيقين شديد..طلبوا فتح غرفة مقفولة بها سرير كبير..قالوا اين الرجل الذي ينام على هذا السرير وهو الذي هاجمنا وليس هذا الصبي قلت لهم الرجل توفي قبل عشرة أعوام..لم يخطر ببالي انهم قد اخطروا به وبعمله ودوره!!!! وانهم قد سألوا عنه حارس منزل جيران لنا قبل يومين وان الحارس قد قال للجيران(ان كنتم تعرفون عبد الحليم فإن ناس الدعم السريع قد سألوا عنه)لم يخبرنا أحد وقد وعدونا بعد تفتيش الغرفة ومعرفة أنه متوفي بأنهم لن يتعرضوا لنا.

نصحنا ناصح أمين ان نخرج من المنزل فخرجنا.. كانوا على بعد بيتين منا ..خرجنا عند الثالثة صباحا.. أقمنا يومين بالخرطوم ثم غادرناها…وقد علمنا أنهم يقيمون في منزلنا وكثير من منازل الجيران..اللهم لا تحقق لهم غاية واكتب لهم أسوأ نهاية وأمتهم ميتة السوء على أيدي بعضهم وأيدي قوات الشعب وبنيه.

لقد كان عبد الحليم معنا في حلنا وترحالنا..رزقه الله ابنا قام بما لم يقم به من هم في مثل عمر والده ودافع عن بيته وعرضه داخل بيته وخارجه خدشته ثلاث رصاصات جرحت احداها رجله والاخري يده والثالثة خرمت قميصه..يشهد الله كنت خلال ذلك لا أملك إلا دعاء الاستيداع وحسبنا الله ونعم الوكيل..

مازلنا نردد حسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم…اللهم احصهم عددا واقتلهم بددا ولا تبق منهم أحدا.. وتول اللهم برحمتك اخواننا عبدالحليم وجمال وكمال شرفي واجمعهم في أعلى جناتك والحقنا بهم.. .

كتبت: أ. Zeinab Saeed

Exit mobile version