بنغلادش وباكستان

بنغلادش وباكستان …
ذكرياتي مع مجيب الرحمن …
وتصحيح الأذهان …
القصة باختصار شديد أن السودانيين كانوا متعاطفين مع الباكستان حين خاضت حرب إنفصال باكستان الشرقية والتي صار إسمها بنغلاديش.

تدخلت الهند لجانب ثوار بنغلاديش وتعاطف الرأي العام السوداني وقتها مع باكستان التي كانت توصف بباكستان الغربية.

مرت سنوات إلى قدر لي خلال سنوات الاغتراب مزاملة مدير الحسابات الجديد من بنغلاديش : مجيب الرحمن.
تزاملنا في العمل وفي السكن وكانت غرفتينا متجاورتين وفي الحقيقة لم يكن السكن مزدحما ، كان شقة بها ثلاث موظفين فقط ، أنا ومجيب الرحمن وأخ مصري.

شجعني مجيب الرحمن على مرافقته في رياضة الركض كل مساء وشاهدت كيف كان يعد طعامه الغني بالبهارات.
غربتنا وتعايشنا مع عدد كبير من الجنسيات في دول الخليج كان بالنسبة لنا على ما أرى فرصة لأدراك أن البنغلاديشيين والباكستانيين شعبين مختلفين حقا.

يتميز البنغلاديشيين عامة بتكوين جسماني متشابه ومختلف عموما عن الباكستانيين الذين يفوقونهم عموما في الطول والبنية الجسمانية والملامح ولغتهم مختلفة وأبجديتهم مختلفة.
وفي ليلة إنفتحت سيرة الحرب والإنفصال وعلى مدى جلسة طويلة لا أذكر كم استغرقت أخذ مجيب الرحمن يسرد علي روايتهم البنغلاديشية في دوافع ومبررات حربهم ضد الباكستان وأكتشفت يومها أن هناك رواية أخرى لمن كانوا يرون أنفسهم ضحايا للقهر والتسلط من إخوتهم في الدين والوطن الذي نال استقلاله كحالة فريدة في الجغرافيا السياسية بلد واحد في جزئين بينهما ما لا يقل عن ألف كيلومتر.

قال لي أنهم كانوا يشعرون أن الفارق في البنية الجسمانية كان يؤثر على تعامل الباكستانيين معهم بالاستضعاف وأنهم شعروا بمرور الوقت أنه احتلال ، وحكى وأسهب في تفاصيل رواية غابت عن رأينا العام السوداني وتم اختزالها في مواجهة بين الهند الهندوسية وباكستان المسلمة.

ولكن حرب الإنفصال بقدر ما كان لها مؤيدين في بنغلاديش كان لها معارضين بينهم وهؤلاء من الذين كان الاعتبار للدين عاملا مؤثرا لديهم والمشكلة أن هؤلاء وبعد تحقق الانفصال ونيل الاستقلال صار التعامل معهم باعتبارهم خونة ، هذه هي المشكلة التي صار لها ضحايا وتم استغلالها لتصفية الحسابات.

حين ألتفت جنوبا لدولة جنوب السودان أرى انهم كانوا منصفين وعقلانيين جدا فقد استوعبت الدولة الجديدة من حارب ضد الخرطوم ومن حارب معها ، ولكن بنغلاديش لم تفعل واتخذت المواقف خلال حرب الانفصال ذريعة للمحاكمات وإعدام شيوخ الإسلاميين والعلماء.
#كمال_حامد 👓

Exit mobile version