تحقيقات وتقاريرعالمية

الأطباء على رأس المهاجرين الفارين من إفريقيا

تخشى دول غرب إفريقيا من استمرار هجرة كوادرها الطبية إلى الدول الغربية، وتأثير ذلك على الأنظمة الصحية في العديد من البلدان التي تعاني من تراجع عدد الأطباء مقابل نمو سكاني مرتفع وتعدد المشكلات الصحية المرتبطة بقلة الوعي والأمراض المتنقلة، وتأثير العادات والأعراف على الصحة العامة.
وتكاد أزمة الموارد البشرية في القطاع الصحي أن تكون أزمة عامة تعاني منها جميع الدول الإفريقية، رغم سنّ سياسات وتنفيذ خطط متعددة اختارتها الدول الإفريقية لرفع نسبة الخريجين من كليات الطب من قبيل الاهتمام بقطاع التعليم وتخصيص ميزانيات مهمة لإنشاء كليات الطب ومعاهد التمريض إلا أن ذلك لم يمنع من استمرار هجرة الأطباء نحو أوروبا وأميركا ما أدى إلى ضياع الجهود التي بذلتها لسد هذا العجز.
يقول طه أحمد الذي تخرج طبيبا من جامعة دكار وهاجر إلى كندا بعد سنتين من تخرجه: “جهود الدولة في تعليمنا وتكويننا لم تضع سدى، لكنني هاجرت بعد التخرج بسبب الراتب وضعف الإمكانيات المتوفرة للأطباء.. وهذا هو السبب الرئيسي لهجرة الأطباء: الرواتب المتدنية وفي ظروف عمل صعبة”.
ويضيف طه في حديثه لـ “العربية.نت”: “نريد أن نبقى في بلدنا، لكن دراسة الطب والتخصص يستغرق سنوات، لا يمكن أن نضيع سنوات أخرى في ظروف عمل غير مناسبة، لن نحقق أحلامنا”.
لماذا تهاجر الممرضات الغانيات بأعداد كبيرة؟
لم يقتصر الأمر على الأطباء بل الممرضين أيضا، في غانا يؤكد الباحثون أن الممرضين يهاجرون بأعداد كبيرة نحو بريطانيا وأيرلندا وأستراليا وكندا، ويطالب الباحثون بتأمين ظروف عمل جيدة للممرضين وتوفير جداول عمل مرنة وأجور أفضل، لوقف موجة هجرة العاملين الصحيين في غانا.
وتقول ليزا أجيابو ممرضة بقسم الإنعاش الطبي إنها انتقلت من غانا إلى بريطانيا بعد أكثر من ست سنوات من البحث عن عمل مناسب ثم الانتقال من عمل إلى آخر، وتضيف: “قطاع الصحة في غانا يعاني من نقص في القوى العاملة، بسبب عدم التقدير إضافة إلى ظروف العمل القاسية ونقص المعدات الطبية والأدوية، ما يدفع الأطباء والممرضين إلى الهجرة”.
وتعتبر أن العاملين بالقطاع الصحي من ذوي المهارات العالية لا يمكنهم أن يتعاملوا مع نظام مهين لا يحترم حقوقهم ولا يستجيب لحاجياتهم، وتقول: “ظروف العمل السيئة في المستشفيات الحكومية وضعف الرواتب يدفع الكثيرين للهجرة، لم أتخيل قط أني سأترك منزلي وعائلتي، لكن الأمور في غانا لا تسير على ما يرام، لذلك كان عليّ المخاطرة وتحمل ضغوط الانتقال إلى الخارج”.

نهب وإغراء
في هذا الصدد يقول الباحث عبده سايدو إن الخريجين حديثا أو من هم على وشك التخرج من كليات الطب والصيدلة بغرب إفريقيا لا يتوقفون عن البحث عن فرصا للهجرة.. يبحثون عن الهجرة أكثر مما يبحثون عن العمل محليا.. كأنهم في عجلة من أمرهم لمغادرة بلادهم”.
ويشير إلى أن الكثير من الإحصائيات تؤكد هجرة الأدمغة الطبية بغرب ووسط إفريقيا نحو أوربا وأميركا، فما بين عامي 2016 و2018، هاجر ما لا يقل عن 9 آلاف طبيب بنيجيريا انتقلوا للعمل في بريطانيا والولايات المتحدة وكندا، كما سبق أن أصدرت منظمة الصحة العالمية تقريرا أكد أن 40 دولة إفريقية تعاني من نقص كبير في الكوادر الطبية بسبب هجرة العاملين في القطاع الصحي”.
ويضيف “هذا الواقع لم يدفع الدول الإفريقية إلى التحرك من أجل وقف نزيف الهجرة، بل إنها واصلت التغاضي عن ارتفاع عدد التأشيرات الممنوحة للطلاب الأفارقة للتدريب بأوربا ما يفتح أمامهم باب الهجرة، كما أنها لم تضغط على الدول التي تنهب مواردها البشرية وخاصة في المهن الطبية، واستمر التراخي والتقاعس أمام استفحال هجرة الكوادر الطبية”.
ويدعو الباحث إلى دقّ ناقوس الخطر من أجل أن يدرك المسؤولون في الدول الإفريقية خطورة الوضع ويحاولون وقف هجرة الأدمغة الطبية التي نمت بشكل كبير في السنوات الأخيرة، من خلال تحسين ظروف عمل المستشفيات ورفع أجور الأطباء والممرضين، وتشجيع الاستثمار في قطاع الصحة لتعزيز فرص عمل العاملين في مجال الرعاية الصحية.

العربية نت