كتاب جدد حياتك للشيخ محمد الغزالي

في الظروف التي نعيشها حاليا كسودانيين راقني كتاب المفكر والداعية محمد الغزالي ( جدد حياتك ) ولما رأيت فيه من فوائد جليلة أردت تلخيص جانب منه يسير ومشاركته مع الأصدقاء في هذه الصفحة ، لأن هذا الكتاب كأنما يخاطب حالنا ولحظتنا الراهنة ..
والكتاب نسخة ( إسلامية ) من كتاب ديل كارنيجي دع القلق وأبدأ الحياة ، كما ذكر المؤلف أنه مستوحي من ( وحي التجربة ووحي السماء ) ..
تقوم فكرة الكتاب علي إستنهاض النفوس وتحفيزها لمواصلة السير في الحياة بيقين المؤمنين ، وعزم المتوكلين ، إذ يؤكد علي حاجة الإنسان لفتح صفحة جديدة في حياته ( يكون فيها نسخة محسنة من نفسه كل يوم ) والأمر كذلك فإن الإنسان لا يجب أن يقارن نفسه مع الآخرين ، بل يجب عليه أن يطور نفسه ليكون يومه خير من غده وغده خير من يومه دائما ..
وآفة التغيير هو التسويف والتأخير في إنتظار مناسبة ، أو تحسن حال ، كمن ينتظر شهر رمضان كي يتوب ، أو من ينتظر إستلام الشهادة الجامعية ليبدأ مشوار البحث عن العمل ( الرجل المقبل علي الدنيا بعزيمة وبصر لا تخضعه الظروف المحيطة به مهما ساءت ولا تصرفه وفق هواها )
( لا تعلق بناء حياتك علي أمنية يلدها الغيب ، فإن هذا الإرجاء لا يعود بخير ) ، ويقرر الغزالي أن الإنسان يجب عليه خوض الصعاب في سبيل تغيير نفسه نحو الأفضل ، ويراجعها أولا بأول ( فما أجمل أن يعيد الإنسان تنظيم نفسه بين الحين والحين ) إذ أن عدم المراجعة يقود إلي الغفلة ، والغفلة تؤدي إلي طمس البصيرة وإتباع الهوي ( من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا ) ..
ويركز الكتاب علي أن الإنسان العاقل هو من يركز علي يومه فيعيش اللحظة التي هو فيها برضا كامل وسعي متصل ، فلا الماضي سيعود ولا المستقبل بين أيدينا ( تجزئة الحياة واستقبال كل جزء منها بنفس محتشدة وعزم جديد ، ولا يعني ذلك تجاهل المستقبل أو ترك الإعداد له فإن إهتمام المرء بغده وتفكيره فيه حصافة وعقل ) ، وتلك دعوة إلي إهتمام المرء بمعالجة مشكلة الحاضر بتركيز شديد دون الغرق في القلق الزائد علي المستقبل ، ولذلك يقتبس من ديل كارنيجي طريقة عملية لتقبل صعوبة اللحظة وتجاوز آلامها ، يقول كارنيجي :
– سل نفسك ما هو أسوأ ما يمكن أن يحدث لي ..
– ثم هيئ نفسك لقبول أسوأ الإحتمالات
– ثم أشرع في إنقاذ ما يمكنك إنقاذه
وإذا وقعت المصيبة فإن الغزالي يدعو إلي الآتي ( أعدوا أنفسكم لتقبل الحقيقة ، فإن التسليم لما حدث هو الخطوة الأولي في التغلب علي المصائب ) ..
وللأسف فإن الألوف من الناس قد يحطمون حياتهم في سورة غضب ، لأنهم يرفضون التسليم بالواقع المر ، وبدلا من أن يحاولوا بناء آمالهم من جديد يخوضون معركة مريرة مع الماضي وينساقون مع القلق الذي لا طائل منه ) ..
في سبيل الخروج من الواقع الأليم وبعد الدعوة لمراجعة النفس وتطويرها ومحاسبتها يوما إثر يوم ، والسعي لأن ( تكون أفضل نسخة من ذاتك ) ينادي الغزالي بضرورة الإستقامة أولا والتمسك بالحق ( كلما استمسك المرء بعري الإستقامة واستكشف الحق فيما يعرض له من مسائل اليوم والغد فإنه يكون أدني للتوفيق ) ..
واذا استبدت بالإنسان الأفكار والمخاوف واليأس فسلك طريق ضلالة تحت أي ضغط أو إغراء فليجتهد ألا يتوغل فيه ، وليعد من أقرب نقطة ، فقد يصاب الإنسان لقارعة يهتز لها تماسكه بيد أن من الرشد إستعادة الثبات والهدوء ..
كما أن الإنسان مدعو للصبر الذي هو حبس النفس علي ما تكره ، دون الإستكانة للأحزان وإلإستغراق في التفكير في المآسي ، ولكن الصبر الذي يحمله علي مواجهة الشدائد وفي نفس الوقت يشجعه علي مواصلة الحياة ..
نقطة مهمة وأخيرة وهي العمل من أجل تغيير النفس وتغيير الواقع الذي ولد المصائب ، فلا يجب أن يركن الإنسان لظرف صعب ، ولا فرص غائبة وإنما عليه الإجتهاد من أجل خلق تلك الفرص وتطويع الظروف لمجابهة الواقع المرير ..
وأخيرا علي الإنسان وهو في قمة سعيه نحو التغيير أن يستذكر قول ربنا الكريم ( من عمل صالحا من ذكر أو أنثي وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ) ..

ياسر يوسف

Exit mobile version