طوال (13) شهراً، والنقاش في الإعلام المحلي والإقليمي منصب على حرب السودان، حيث هي القصة، و-بالطبع- تستحق ذلك إنسانياً، وسياسياً، وأمنياً، واقتصادياً، لكن هناك قصة أخرى مسكوت عنها وهي ما أسميها (محاولات إنقاذ كيان الدولة)، هذه القصة بطلها عضو مجلس السيادة الانتقالي، ومساعد القائد العام للجيش، فريق بحري مستشار “إبراهيم جابر إبراهيم”…
صبيحة (١٥) أبريل وما تلاها، دخلت الدولة السودانية مرحلة الانهيار المخيف هو ما يحدث بمناطق النزاع في العالم، حيث اللادولة، وازدياد معدلات الفقر، وانعدام التعليم، بحده الأدنى، وقصص المهجرين، واللاجئين، والعنف، وجرائم الاغتصاب، والاضطهاد، كنت أتساءل أيام الحرب الأولى أي جيل سننتظر بعد هذه الحرب؟ وأي معايير أخلاقية وسط هذا القتل والدمار والفقر؟.
كل ما سبق هو الانهيار، فأي مستقبل ينتظر السودان وسط هذه الفوضى،، وانعدام الأمن، وانتشار الميليشيات المسلحة، وانعدام هيبة الدولة ومؤسساتها؟، وانعدام السلم الاجتماعي، بات ملعباً لصراع كل الدول الباحثة عن النفوذ لنهب موارد بلادنا، كانت صورة قاتمة، لكنها واقعية…
غادرت أم درمان نهاية يونيو ٢٠٢٣ م، ترافقني حسرتي وشعور قاتل بالتوهان، بعد جولة على ولايات (نهر النيل، الشمالية، كسلا، القضارف) لتسجيل برنامج ” مشيناها خطى” الذي بث على تلفزيون السودان القومي، لدعم معركة الكرامة إعلامياً، وصلت مدينة “بورتسودان” في سبتمبر ٢٠٢٣ م، وجدت الفريق “إبراهيم” قد أقام دولة من العدم، نفض عن كيان الدولة السودانية ركام الدمار، وشرع فوراً في إعداد خطط اقتصادية بمشاركة خبراء عرفت ب (اقتصاد الحرب)، كان يعمل في صمت بينما على ظهره نصال التخوين والأخذ بجريرة “حميدتي” فقط لأنهم ينحدرون من عشيرة واحدة.
ولكن الحقيقة أن الفريق “إبراهيم” و”حميدتي” خطان متوازيان: واحد مضى في اتجاه السياسة والتقاتل والصراع على الزعامات والاعتداء على سيادة وسلام الآخرين، والثاني ذهب في اتجاه الاستقرار والنمو للسودان وشعبه.
أشرق فجر جديد، بعد الفصل العظيم من الخراب الذي دشنه “حميدتي”، حيث عمل “جابر” على مشروع استعواض الدولة التي دمرتها مليشيا “ال دقلو”، و-بالفعل- نجح في إعادة إعمار المؤسسات وإمكانياتها، كتدشين معامل فحص الذهب والمعادن النفيسة التي تتبع لهيئة المواصفات والمقاييس الأحد الماضي، والآن يعمل على إنشاء مصفاة للذهب بولاية نهر النيل، بجانب برنامج إعادة توطين الصناعة المحلية بتوفير بدائل ومغريات للمصنعين ورجال الأعمال، وعقد مؤتمر الصناعة أمس خصيصا كضربة بداية.
هدف “جابر” في خطته إلى إعادة إعمار السودان وفق أسس جديدة وصحيحة، وأهمها آراءه حول ضرورة توزيع النشاط الصناعي التحويلي إلى مناطق الإنتاج الزراعي، بهدف تنمية تلك المناطق عبر أموال المسؤولية المجتمعية، وتوفير فرص عمل للشباب السوداني الذي غيرت الحرب مجرى حياته.
مجهودات الفريق “إبراهيم جابر”، وضعت اقتصاد السودان على مساره الصحيح بعد أن بلغ السيل الزٌبى، وصار مصير السودان نفسه على مفترق الطريق من ناحية لحاقه بقطار النهضة الاقتصادية.
اجتهد “جابر” في إجراء إصلاحات تشريعية على قوانين الاستثمار، وكذلك الاستيراد والتصدير، ومن ضمن خطته تحقيق الاكتفاء الذاتي من الإنتاج المحلي، وإغلاق الباب أمام استيراد السلع الاستهلاكية غير الضرورية والتي ينتج عنها استنزاف العملات الصعبة، بجانب وضع ضوابط قاسية على حصائل الصادر السوداني، بالإضافة إلى نجاح الموسمين الزراعيين، لحماية البلاد من احتمال حدوث فجوة غذائية، وكل تلك المعلومات مبذولة لدى الجهات المعنية من بينها المخزون الاستراتيجي.
هذا القرار التاريخي، لم يعجب خليط من المستفيدين من اللعبة السابقة، المتكررة، المرهقة، حيث اقتصاد استهلاكي بلا جدوى، وصلاحيات استثمارية غامضة، وأجندات غريبة.
محبتي واحترامي
رشان أوشي